للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان يصومُ من الأيَّام يوم السبتِ، ويوم الأحد، كان يقول: إنَّهما يوما عيدٍ (١) للمشركين، وأنا أريد أنْ أخالفهمْ. رواه ابن خزيمة في صحيحه وغيره.

(الترغيب في صوم يوم وإفطار يوم وهو صوم داود عليه السلام)

١ - عنْ عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّك لتصوم الدَّهر وتقومُ الليلَ؟ قُلْتُ: نعمْ. قال: إنَّك إذا فعلْتَ ذلك هجمتْ له العين (٢)، ونفهت له النَّفس (٣)، لا صامَ منْ صامَ الأبد (٤)،

صوم ثلاثة أيامٍ من الشهر صوم الشَّهر كلِّهِ (٥) قُلْتُ: فإني أطيق أكثر من ذلك؟ قال: فصُمْ صومَ داود عليه السَّلام كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ولا يفرُّ إذا لاقى (٦).

وفي روايةٍ: ألم أخبرْ أنَّك تصوم ولا تفطر، وتصلِّي الليل، فلا تفعلْ، فإنَّ لعينك حظا (٧) ولنفسك حظاً، ولأهلك حظا، فصمْ وأفطرْ وصلِّ ونمْ، وصمْ منْ كلِّ عشرة أيامٍ يوما، ولك أجر تسعةٍ. قال: إني أجد أقوى من ذلك يا نبيَّ الله؟ قال: فصُمْ صيام داود عليه السلام، قال: وكيف كان يصوم يا نبيَّ الله؟ قال: كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، ولا يفرُّ إذا لاقى.


(١) كذا ط وع ص ٣٥٨، وفي ن: عيد المشركين. يفطر صلى الله عليه وسلم يومي السبت والأحد ليخالف النصارى.
(٢) أي غارتودخلت في موضعها، ومنه الهجوم على القوم: الدخول عليهم أهـ نهاية. أي مرضت من كثرة الجوع، وعدم التغذية.
(٣) أعيت وكلت، وضعفت عن القيام بعملها.
(٤) نفى صلى الله عليه وسلم الصوم الصحيح كثير الثواب لمن أعجز نفسه بكثرة الصوم طول حياته لأن الإنسان في حاجة إلى تغذية وراحة، ولا بد من الإطعام، ومن خالف الطبيعة طلب المحال، وأضعف قوته فلن يصل إلى الثواب والأجر الجزيل، وقديماً قالوا: (إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا). فيه الترغيب بالرأفة على النفس والشفقة بها، وعدم إجهادها، والسير جهد الطاقة في العبادة، بل وفي كل الأعمال, والدين يسر لا عسر، وما الحياة سوى طاعة الله، وعبادته مع عمله الذي احترف به وأتقنه وكسب منه عيشه.
وما الحياة بأنفاس ترددها إن الحياة حياة العلم والعمل
(٥) الذي يحافظ على ثلاثة أيام من كل شهر يعطيه الله ثواب صوم الشهر كله: الحسنة بعشر أمثالها، وفضل الله لا حد له.
(٦) يستعد للجهاد، وينازل الأعداء، ويرد كيد الخصوم، ويحارب في سبيل الله تعالى.
(٧) نصيباً من الراحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>