للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترغيب في قضاء حوائج المسلمين، وإدخال السرور عليهم

وما جاء فيمن شفع فأهدى إليه

١ - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم (١) لا يظلمه (٢) ولا يُسْلِمُهُ (٣)، من كان في حاجة (٤) أخيه كان اللهُ في حاجته، ومن فَرَّجَ عن مُسلمٍ كُرْبَةً (٥) فَرَّجَ الله عنه بها كربة من كُربِ يوم القيامة، ومن سَتَرَ (٦) مُسلماً سَتَرَهُ الله يوم القيامة (٧) ". رواه البخاري ومسلم وأبو داود


= الظاهر، ثم الزجر المذكور مخصوص بالصورة المذكورة وما أشبهها إلا ما إذا رده إليه الميراث مثلاً. قال الطبري: يخص من عموم هذا الحديث من وهب بشرط الثواب، ومن كان والداً والموهوب ولده والهبة التي لم تقبض والتي ردها الميراث إلى الواهب لثبوت الأخبار باستثناء كل ذلك، وأما ماعدا ذلك كالغني يثيب الفقير، ونحو من يصل رحمه فلا رجوع لهؤلاء، قال: ومما لا رجوع فيه مطلقاً الصدقة يراد بها ثواب الآخرة. أهـ فتح.
(١) كشقيقه، وفيه رابطة الأخوة بينهما توجب الوفاء والمساعدة والمحبة.
(٢) لا يأخذ شيئاً من ماله بلا سبب شرعي، ولا ينقص شيئاً من أجرته لئلا يشكوه إلى حاكم يعاقبه ويلزمه برد الحق أو يتضرع إلى ربه فينتقم الله من ظالمه.
(٣) ولا يسلمه كذا (د وع ص ١٧٨ - ٢) أي لا يخذله ولا يترك نصرته بأن يدفع عنه الأذى ويمنعه من أن يؤذي غيره، ويصلح بينه وبين أخيه ويغيثه إذا استغاث به ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، وهكذا من ضروب الإصلاح، وفي (ن ط): ولا يثلمه، لأن ثلم بمعنى كسر.
(٤) أي يساعد بجاهه وماله حتى يدرك وطره مع البشاشة والسرور.
(٥) كشف غمه، بأن يقرضه إذا أفلس في تجارته، أو يساعد من احترق بيته أو تلف زرعه ليذهب الله عنه الحزن في الآخرة ويزيل ضيقه ويبعد عنه المصائب في حياته وبعد مماته.
(٦) يجتهد أن يخفي عيوبه فلا يخبر أحداً بما يعرفه.
(٧) يعمي عن عيوبه أبصار الناس في الدنيا ويحيطه بسياج الحفظ فلا يطلع على عيوبه أحد، وحسبك أن الله الولي القادر الستار لا يعاقبه عنها في الآخرة، وهنا مسألة أخلاقية تخص الأمن العام، فلا يصح ستر أخبار المجرمين وإخفاء عيوب الأشرار فهذا لا يعد من المنهي عنه لحفظ راحة العالم واتقاء شرور الآثمين، والشارع الحكيم أوجب كشف عيوبهم لمن يردعهم أو يزجرهم عسى أن يصل الحكام إلى الحق ومنع الضرر وإزالة الأذى كما قال تعالى: "ولكم في القصاص حياة" من سورة البقرة، وقال تعالى: "فاعتبروا يا أولي الأبصار" (٢ من سورة الحشر)، وقال تعالى: "ألا لعنة الله على الظالمين" (١٨ من سورة هود).
وفي الفتح "ولا يسلمه" لا يلقيه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه (والأخوة): هذه أخوة الإسلام، فإن كل اتفاق بين شيئين يطلق بينهما اسم الأخوة، ويشترك في ذلك الحر والعبد والبالغ والمميز "لا يظلمه ولا يسلمه" أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم، وقد يكون ذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>