وإن شاهدنا أمير المؤمنين الصحابي الجليل الذي عاصر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتفع رضي الله عنه بأحاديث حبيبه، وعرض بطيب خاطر، وراحة ضمير وحسن نية، والسلعة لصاحبها إن أحب بلا طمع، وترك له الحرية المطلقة ادخارا لثواب الله تعالى، ورجاء رحمة، وتفريج كروبه، فلنقتد به رضي الله عنه، ولنقل النادم، ولنصفح، ولنزل الجشع شيئا نترك الرجاء، وحب المصلحة، وتتميم العمل على ضوء الخوف من الله تعالى، وطلب رضاه. (١) أنقص. خبث ضد طاب، والاسم الخباثة، ويطلق الخبيث على الحرام، وعلى الرديء المستكره طعمه أو ريحه كالثوم والبصل. قال تعالى (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) أي لا تخرجوا الردئ في الصدقة من الجيد: قال تعالى (ويل للمطففين ١ الذين اكتالوا على الناس يستوفون ٢ وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ٣ ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ٤ ليوم عظيم ٥ يوم يقوم الناس لرب العالمين) ٦ من سورة المطففين. (ويل) واد في جهنم لأولئك الذين ينقصون الكيل أو الوزن، والتطفيف: البخس، وطفيف أي حقير (اكتالوا) أخذوا حقوقهم وافية إذا اكتالوا من الناس، وأبدل على بمن للدالة على اكتيالهم لما لهم على الناس أو اكتيال يتحامل فيه عليهم (كالوهم) كالوا لهم (ألا يظن) إنكار وتعجيب من حالهم، فإن من ظن ذلك لم يتجاسر على هذه القبائح، فكيف بمن أيقن؟، والمراد استعمال العدل، فلا تستعمل مكاييل غير مضبوطة، ولا صنج مغشوشة، والبيع والشراء ضرورة من ضرورات الحياة لا يمكن الاستغناء عنهما، وأنت ترى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرقت أنواره بالمدينة فزال الجهل، وعم العدل، وحسن الفعل، فأرشد أهل المدينة إلى استيفاء الوزن والكيل. (٢) فإذا كالوا أو وزنوا لا يأخذون أكثر من حقهم، ولا يعطون الناس أقل من استحقاقهم، فإن التاجر إذا طفف في كيله أو وزنه بأن زاد على ما أخذ أو نقص مما أعطى تضعف ثقة الناس به وينصرفون من معاملته وينفضون من حوله فتخسر تجارته وتكسد سوقه، هذا إلى عذاب الله الأليم الذي أعده له والعاقبة الوخيمة (كلا) حرف ردع من التطفيف والغفلة عن البعث والحساب (كلا إن كات الفجار لفي سجين ٧ وما أدراك ما سجين ٨ كتاب مرقوم ٩ ويل يومئذ للمكذبين ١٠ الذين يكذبون بيوم الدين ١١ وما يكذب به إلا كان معتد أثيم ١٢ =