للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترغيب في المداومة على العمل وإن قل]

١ - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: كانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَصِيرٌ (١)، وَكَانَ يَحْجُزُهُ بِاللَّيْلِ (٢)، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ (٣) فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ (٤) إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَيُصَلُّونَ بِصَلاتِه حَتَّى كَثُرُوا فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ (٥) فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ (٦)، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ (٧) حَتَّى تَمَلُّوا (٨)،

وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ (٩).

٢ - وفي رواية: وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ إِذَا عَمِلُوا عَمَلاً وأَثْبَتُوهُ.

٣ - وفي رواية قالت: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلى اللهِ؟ قالَ: أَدْوَمُهُ وإِنْ قَلَّ.


= احفظوها والزموا إصلاحها لا يضركم الضلال إذا كنتم مهتدين، والآية نزلت لما كان المؤمنون يتحسرون على الكفرة ويتمنون إيمانهم، وقيل كان الرجل إذا أسلم قالوا له سفهت آباءك، وعد ووعيد للفريقين، وتنبيه على أن أحداً لا يؤخذ بذنب غيره أهـ بيضاوي.
(١) فرش من نبات يسمى سمارا.
(٢) من باب قتل منعه من التصرف، قال القسطلاني: أي يتخذه كالحجرة، وفي رواية يحتجز يجعله حاجزاً بينه وبين غيره من يحجزه أهـ.
(٣) يفرشه فرشاً.
(٤) يرجعون.
(٥) أي توجه صلى الله عليه وسلم نحوهم يعطيهم درساً.
(٦) قدر طاقتكم ومقدار جهدكم فلا تحملوا أنفسكم صعاب الأعمال، فالدين يسر لا عسر.
(٧) لا تنتهي رحماته، ولا ينقص فضله لمن أطاعه وأجره جزيل وكنزه لا يفنى كما قال صلى الله عليه وسلم "يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار"، وكما قال الله تعالى: [ما عندكم ينفد وما عند الله باق] من سورة النحل.
(٨) تضعفوا؛ الإنسان مركب من لحم ودم يحتاج إلى راحة من عناء عمله فإذا استمر في العبادة عجز عن المواصلة وضعف عن الزيادة، والنبي صلى الله عليه وسلم يريد الترغيب في العمل الصالح ما أمكن كما قال الله تعالى: [فاتقوا الله ما استطعتم] وقال القسطلاني. حتى تملوا: أي لا يقطع عنكم فضله حتى تتركوا سؤاله أهـ. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو العاملين إلى الجد والكد جهد الطاقة والسعي مدة الاستطاعة والأخذ بنصيب وافر في الصالحات مع الراحة والاطمئنان والهدوء، فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، ولأبي بكر المقري:
وقيمة المرء ما كان يحسنه ... فاطلب لنفسك ما تعلو به وصل
وكل علم جناه ممكن أبداً ... إلا إذا اعتصم الإنسان بالكسل
وأفضل البر ما لا من يتبعه ... ولا تقدمه شيء من المطل
جـ
(٩) الذي تستمر المواظبة عليه وخير الأمور الوسط وشر الأمور الشطط ففيه الترغيب في إتقان العمل بتؤدة وتأني فإنه لا ينظر إلى زمنه، لكن ينظر إلى جودته.

<<  <  ج: ص:  >  >>