(٢) من نفسه. كذا ط وع ص ٤٣٨، وفي ن د: لنفسه. ومعناه الإنسان يخلص لربه نيته، ويوطد العزيمة على الجهاد في سبيله إن سنحت الفرص، ويدافع عن الحق وينصر المظلوم، ويرد البدع المنكرة ويأمر بالمعروف ويعمل بآداب الشرع. إن كل شيء يفعله المرء لله يثاب عليه، وقد بين تعالى في محكم كتابه: أن ثواب الأعمال جليلها وحقيرها مدخر. قال تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئنون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ١٢٠ ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) ١٢١ من سورة التوبة. (ولا يرغبوا) ولا يصونوا أنفسهم عما لم يصن نفسه عنه. روي أن أب خيثمة بلغ بستانه، وكانت له زوجة حسناء، فرشت له في الظل، وبسطت له الحصير، وقربت إليه الرطب، والماء البارد، فنظر فقال: ظل ظليل، ورطب يانع، وماء بارد، وامرأة حسناء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح والريح، ما هذا بخير. فقام فرحل ناقته، وأخذ سيفه ورمحه، ومر كالريح، فمد رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إلى الطريق فإذا براكب يزهاه السراب. فقال: كن أبا خيثمة، فكان. ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفر له (ذلك) إشارة إلى النهي عن التخلف، أو وجوب المعايشة (ظمأ) شيء من العطش (نصب) تعب (مخمصة) مجاعة و (ولا يطئون موطئاً) ولا يدوسون مكانا يغضب الكفار وطئوه (نيلا) كالقتل والأسر والنهب إلا استوجبوا به الثناء، وذلك مما يوجب المشايعة (نفقة صغيرة) واو علاقة (ولا كبيرة) مثل ما أنفق عثمان رضي الله تعالى عنه في جيش العسرة (ولا يقطعون واديا) في مسيرهم، وهو كل منعرج ينقذ فيه السيل، اسم فاعل من ودي: إذا سأل، فشاع بمعنى الأرض (إلا كتب لهم) إلا أثبت لهم ذلك جزاء أحسن أعمالهم. أهـ بيضاوي.