للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترهيب من استصحاب الكلب والجرس في سفر وغيره]

١ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لاَ تَصْحَبُ الْملاَئِكَة (١) رُفقةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ (٢). رواه مسلم وأبو داود والترمذي.

٢ - وفي رواية لأبي داود: وَلاَ تَصْحَبُ الْمَلائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جِلْد نَمرٍ. ذَكَرَهَا فِي اللِّبَاسِ.

الجرس مزامير الشيطان

٣ - وَعَنْهُ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: الجَرَسُ مَزَامِيرُ (٣) الشَّيْطَانِ. رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه.


= الصلاة والسلام: "كان إذا وضع رجله في الركاب قال باسم الله، فإذا استوى على الدابة قال الحمد لله على كل حال سبحان الذي سخر لنا هذا الآية وكبر ثلاثاً وهلل ثلاثاً، وقالوا إذا ركب في السفينة قال باسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم". قال النسفي وحكي أن قوماً ركبوا وقالوا: سبحان الذي سخر لنا هذا الآية، وفيهم رجل على ناقة لا تتحرك هزالاً فقال إني مقرن لهذه فسقط منها لوثبتها واندقت عنقه. وينبغي أن لا يكون ركوب العاقل للتنزه والتلذذ: بل للاعتبار ويتأمل عنده أنه هالك لا محالة ومنقلب إلى الله تعالى غير منفلت من قضائه أهـ. قال البيضاوي لمنقلبون: أي راجعون واتصاله بذلك لأن الركوب للتنقل، والنقلة العظمى هو الانقلاب إلى الله تعالى أو لأنه مخطر فينبغي للراكب أن لا يغفل عنه ويستعد للقاء الله تعالى أهـ. فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلمك الاستعاذة بالله وتسبيحه، وذكره عند ركوب دابة أو سفينة أو سيارة أو طيارة أو أي مركب رجاء شكره وحفظه وعنايته بك سبحانه وتعالى: وأن تثني عليه على ما ذلل لك هذه كما قال تعالى: [هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور] (١٦) من سورة الملك.
[ذلولاً] أي لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها [مناكبها]: جوانبها استدلالاً واسترزاقاً أو جبالها أو طرقها وإليه سبحانه وتعالى نشوركم، فهو سائلكم عن شكره على ما أنعم به عليكم أهـ نسفي. وقال البيضاوي: يسهل لكم السلوك فيها وهو مثل لفرط التذليل، فإن منكب البعير ينبو عن أن يطأه الراكب، ولا يتذلل له فإذا جعل الأرض في الذل بحيث يمشي في مناكبها لم يبق شيء لم يتذلل والتمسوا من نعم الله أهـ.
(١) ملائكة الدعاء بالرحمة من الله جل وعلا.
(٢) هو الجلجل الذي يعلق على الدواب، قيل إنما كرهه لأنه يدل على أصحابه بصوته، وكان عليه الصلاة والسلام يحب أن لا يعلم العدو به حتى يأتيهم فجأة، وقيل غير ذلك أهـ نهاية. وقال النووي: لأنه شبيه بالنواقيس أو لأنه من المعاليق المنهي عنها، وهي كراهة تنزيه أهـ ص ٢٩٦ مختار الإمام مسلم. يرشد صلى الله عليه وسلم إلى كراهة وجود الجرس في المنازل أو يعلق على الأطفال أو على الحيوانات اتقاء ملازمة الشيطان لها واجتناب الملائكة التي تدعو للإنسان بالقبول واللطف والرأفة وتطلب له السعادة والصحة والنعمة والأمن والسعة ورغد العيش. انظر إلى الكنائس الآن. وهل تسمع صوت النواقيس تدق فيها فيخبر صلى الله عليه وسلم عن ابتعاد ملائكة الرحمة عن كل مكان فيه جرس.
(٣) أي صوته ونغمه وإضلاله والجمع مزمور، ومنه حديث أبي بكر أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية مزمارة: والمزمار: أي الآلة التي يزمر بها والزمارة: البغي الحسناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>