للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ابْكُوا فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا (١) فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ في النَّارِ حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعُهُمْ في خُدُودِهِمْ كَأَنَّها جَدَاوِلُ (٢) حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ فَيَسِيلُ يَعْنِي الدَّمَ فَيُقْرِحُ الْعُيُونَ (٣). وفي إسنادهما يزيد الرقاشي وبقية رواة ابن ماجة ثقات احتج بهم البخاري ومسلم.

ورواه الحاكم مختصراً عن عبد الله بن قيس مرفوعاً قال: إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ في دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ، وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ مسكَانَ الدَّمْعِ. وقال: صحيح الإسناد.

[الأخدود] بالضم: هو الشق العظيم في الأرض.

الجنة ونعيمها

[الترغيب في الجنة ونعيمها ويشتمل على فصول]

١ - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: مَنْ قَتَلَ نَفْساً مُعَاهَدَةً (٤) بِغَيْرِ حَقِّهَا لَمْ يَرَحْ (٥)

رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ.

وفي رواية: وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمَائَةِ عَامٍ. رواه ابن حبان في صحيحه.

٢ - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم:


(١) تصنعوا البكاء وازجروا أنفسكم وادعوها إلى خشية الله ورهبته والخوف منها، وانزعوا منها الغرور وكملوها بصالح الأعمال، فإن الخوف منه سبحانه يجر إلى الخير، ويبعد فعل الشر، وبذا تأمنون عذاب الله يوم القيامة.
(٢) أنهار.
(٣) فيقرح كذا د وع ص ٤٨٠ - ٢، وفي ن ط: فتقرح، بالتاء فتجرح وتدمى. كناية عن شدة الألم بتحول الدمع من ماء إلى دم. لماذا؟ لشدة كفرهم بالله، وزيادة طغيانهم وكثرة معاصيهم وفجورهم، فاتقوا الله عباد الله واعملوا صالحاً، وعليكم بكتاب الله وسنة نبيه عضوا عليهما بالنواجذ واستضيؤوا بأنوارهما كما قال تعالى: [ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم (١٠١)] من سورة آل عمران.
(٤) قال القسطلاني: أي لها عهد مع المسلمين بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من مسلم.
(٥) لم يرح: أي لم يشمها أهـ ص ٣٢٤ جواهر البخاري.
يبين الله تعالى درساً للمسلمين أن يكرموا جوارهم ويحسنوا إلى من أنس بهم وعقد معهم اتفاقاً على أن يقطن في بلادهم، وأن الذي يقتل معاهداً أبعده الله من الجنة مسيرة مائة عام لراكب قطع هذه المسافة. لماذا لأنه خان العهد. نقض الاتفاق: نكث، وفي النهاية لم يرح: أي لم يشم ريحها، يقال راح يريح وراح يراح وأراح يريح: إذا وجد رائحة الشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>