للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان]

١ - عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشّعْبَانِيِّ قالَ: سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيَّ قالَ: قُلْتُ يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ كَيْفَ تَقُولُ في هذِهِ الآيَةِ: [عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ]؟ قالَ: أَمَا وَاللهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيراً (١)، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: ائْتَمِرُوا (٢) بِالمعْرُوفِ، وانْتَهُوا (٣) عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحَّاً مُطَاعَاً (٤) وَهَوىً مُتَّبَعَاً (٥) وَدُنْيَا مُؤثَرَةً (٦) وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْي بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ (٧)، وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ (٨)،

فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ (٩) الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ (١٠) لِلعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ


(١) استفهمت من رجل بصير ثقة ثبت.
(٢) أي فليظهر كل منكم النصيحة لأخيه ويتشاور وليأمر بالمعروف، وفي الغريب والائتمار قبول الأمر، ويقال للتشاور اتئمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به، قال تعالى: [إن الملأ يأتمرون بك] أهـ، وقوله تعالى: [وائتمروا بينكم بمعروف] أي وليأمر بعضكم بعضاً بجميل الأفعال وحميد الخصال.
(٣) ابتعدوا عن الموبقات واحجزوا أنفسكم عن القبائح.
(٤) تقصيراً في الواجبات وبخلاً متبعاً وتقتيراً.
(٥) نفوساً مائلة إلى الشهوات.
(٦) مختارة محبوبة مقدمة على الآخرة بالميل فيها إلى الترف والدنايا والفجور.
(٧) أي أصلح نفسك وكملها بآداب الدين واعمل صالحاً إذا فشا بخل الناس وكثرت المعاصي ومال الناس إلى حب الدنيا ولم يعملوا للآخرة.
(٨) واترك الناس ..
(٩) إزاء هذا الصبر وحبس النفس على طاعة الله تعالى الأعلى: أي الرفيع سلطانه المنيع في شأنه القوي القاهر المعبود بحق الصمد كما قال الله تعالى لحبيبه [وللآخرة خير لك من الأولى (٤)] من سورة الضحى.
أي ما أعد الله لك في الآخرة من المقام المحمود والحوض المورود والخير الموعود، خير مما أعجبك في الدنيا. هذا درس لنا يرغبنا الله في الأعمال الصالحة اتقاء القارعة [يوم يكون الناس كالفراش المبثوث (٤) وتكون الجبال كالعهن المنفوش (٥) فأما من ثقلت موازينه (٦) فهو في عيشة راضية (٧) وأما من خفت موازينه (٨) فأمه هاوية (٩) وما أدراك ما هيه (١٠) نار حامية (١١)] من سورة القارعة.
الفراش الحشرات. قال النسفي: شبههم بالفراش في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش إلى النار أهـ. العهن: الصوف المصبغ بالألوان (المنفوش) المتفرق أجزاؤه.
(١٠) أي كبح جماح النفس عن المعاصي صعب مر ومحرق مثل القبض على النار، ولكن في ذلك ثواباً لمن اتقى الله واجتنب صحبة الفساق والأشرار فالعابد يعطيه الله أجر خمسين من عمل مثله ففيه الترغيب في اجتناب المعاصي مهما زاد روادها وكثر الداعون لها كما قال تعالى: [ألهاكم التكاثر (١) حتى زرتم المقابر (٢) كلا سوف تعلمون (٣)] من سورة التكاثر.
أي شغلكم التباري في الكثرة والتباهي في الأموال والأولاد عن طاعة الله حتى أدرككم الموت (كلا) =

<<  <  ج: ص:  >  >>