للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ. رواه ابن ماجة والترمذيّ، وقال: حديث حسن غريب، وأبو داود، وزاد:

قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ: أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قالَ: بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ.

٢ - وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: قالَ: عِبَادَةٌ في الهَرْجِ (١)

كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ. رواه مسلم والترمذي وابن ماجة.


= ردع وتنبيه على أنه لا ينبغي للناظر لنفسه أن تكون الدنيا جميع همه ولا يهتم بدينه [سوف تعلمون] عند النزع سوء عاقبة ما كنتم عليه ثم في القبور ثم لتسألن عن الأمن والصحة فيم أفنيتموها.
(١) أي طاعة الله واتباع أوامره والعمل بكتابه وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم أثناء انتشار المعاصي مثل مفارقة وطنه واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم والسكن بجواره والقرب منه والعمل بشرعه واقتفاء أثره.
أ - قال الله تعالى: [وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (٣٣)] من سورة الأنعام.
ب - وقال تعالى: [إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون (٣٤)] من سورة يونس.
أي حال الدنيا العجيبة في سرعة تقضيها وذهاب نعيمها بعد إقبالها واغترار الناس بها (زخرفها) حسنها وبهجتها (حصيدا) شبيها بما جنى وقطع كأن لم يفن زرعها: أي لم يلبث، وشاهدنا إسراع المؤمن في اكتساب العبادة خشية ذهاب زهرة الدنيا بموته.
آية [عليكم أنفسكم] درس تربية وتكميل
ما أجمل معنى هذه الآية [عليكم أنفسكم] تطلب من الإنسان أن يكمل نفسه ويؤدبها ويقبل على تعاليم ربه فيعمل بها ويعكف على التفقه في السنة والتفهم في الدين لتثمر دوحة عرفانه وتشرق شمس فعله وضاءة وضاحة الجبين
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته ... أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
ماذا ينتظر الإنسان في حياته؟ ينتظر أن يعمل صالحاً فيرضي ربه فيهدأ باله ويرتاح ضميره وبعد الآية تقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد إرشاداً إلى التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل واتباع النصائح، واجتناب القبائح والتوصية بالحق والصبر وترك ميدان الجهلة تسرح وتمرح كالسائمة وعدم مجاراة العصاة الطغاة والإقبال على الطاعات فالله تعالى يقول [ولا تزر وازرة وزر أخرى] فإذا أطاع العبد ربه سلم من العقاب ونال الثواب، وربما صار قدوة حسنة وهداية ونبراساً لأهل زمانه، وقد وعد صلى الله عليه وسلم العابد العامل أن له أجراً مضاعفاً من الله جل جلاله، مثل أجر أصحابه وأتباعه [أجر خمسين منكم] أي أيها الصحابة الأجلاء. لماذا؟ لأنه في وقت فشت فيه المعصية. وضل عامة الناس. وساء العمل. وازداد الفسوق. وعم الترف وكثرت الشهوات فلا حلو ولا قوة إلا بالله: إن هذه الآية تطلب من كل فرد أن يصلح نفسه لتسعد الأمة، وتتقدم إلى ذروة العلا وتنبه الوعاظ والعلماء أن يكونوا أسوة حسنة وعنواناً للأعمال الصالحة:
لو أنصف الناس استراح القاضي ... وبات كل عن أخيه راضي =

<<  <  ج: ص:  >  >>