للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترغيب في الصلاة في أول وقتها]

١ - عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله


= ولا نبتدئه لعظمته يعظم أهل الدين ويحب المساكين لا يطمع القوى في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكى بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غرى غيرى، إلى تعرضت أم إلى تشوقت؟ هيهات هيهات. قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعمرك قصير وخطرك حقير. آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق، فبكى معاوية رحمه الله وقال: رحم الله أبا الحسن، فلقد كان كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: حزن من ذبح واحدها في حجرها ص ١٥٠ جـ ٢ الأمالى.
الخشوع في الصلاة
وفي إحياء الغزالي: كان على بن أبى طالب كرم الله وجهه إذا حضر وقت الصلاة يتزلزل، ويتلون وجهه فقيل له: مالك يا أمير المؤمنين؟ فيقول: جاء وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملها وأشفقن منها وحملها. ويروى عن على بن الحسين أنه كان إذا توضأ اصفر لونه فيقول له أهله: ما هذا الذى يعتريك عند الوضوء؟ فيقول: أتدرون بين يدى من أريد أن أقوم. ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال داود صلى الله عليه وسلم في مناجاته: إلهى من يسكن بيتك، وممن تتقبل الصلاة؟ فأوحى الله إليه: يا داود إنما يسكن بيتى، وأقبل الصلاة منه - من تواضع لعظمتى وقطع نهاره بذكرى وكف نفسه عن الشهوات من أجلى: يطعم الجائع ويؤوى الغريب ويرحم المصاب فذلك الذى يضوء نوره في السموات كالشمس إن دعانى لبيته وإن سألنى أعطيته، أجعل له في الجهل حلما وفي الغفلة ذكرى وفي الظلمة نوراً وإنما مثله في الناس كالفردوس في أعلى الجنان لا تيبس أنهارها، ولا تتغير ثمارها وروى عن حاتم الأصم رضي الله عنه أنه سئل عن صلاته، فقال: إذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء وأتيت الموضع الذى أريد الصلاة فيه، فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحى، ثم أقوم إلى صلاتى وأجعل الكعبة بين حاجبى والصراط تحت قدمى والجنة عن يمنى والنار عن شمالى وملك الموت ورائى. أظنها آخر صلاتى، ثم أقوم بين الرجاء والخوف. وأكبر تكبيرا بتحقيق وأقرأ قراءة بترتيل وأركع ركوعا بتواضع وأسجد سجودا بتخشيع وأقعد على الورك الأيسر وأفرش ظهر قدمها وأنصب القدم اليمنى على الإبهام وأتبعها الإخلاص ثم لا أرى أقبلت منى أم لا؟.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ركعتان مقتصدتان في تفكر أي تأمل خير من قيام ليلة والقلب ساه أهـ ص ١٣٥ جـ ١.
اشتراط الخشوع وحضور القلب
قال صلى الله عليه وسلم: إنما الصلاة تمسكن وتواضع، وحضور القلب روح الصلاة. قال الغزالي: ونعنى به أن يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس له، ومتكلم به فيكون العلم بالفعل، والقول مقرونا بهما، ولا يكون الفكر جائلا في غيرهما أهـ، ويتبع ذلك التعظيم والهيبة والرجاء والحياء والخوف بمعنى أن المؤمن يكون معظما لله جل وعلا، وخائفا منه وراجيا له ومستحيياً من تقصيره ولا يلهى عن الصلاة إلا الخواطر الواردة الشاغلة، فالدواء في إحضار القلب هو دفع تلك الخواطر من كل ما يقرع السمع، أو يظهر للبصر، وترك الأمر الباطن من تشعب الهموم في أودية الدنيا فيرد النفس قهرا إلى فهم ما يقرؤه في الصلاة ويشغلها به عن غيره ويتذكر الآخرة وموقف المناجاة، وخطر المقام بين يدي الله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>