للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترغيب في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليل

والترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس، وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك

١ - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللهُ (١)، وَأَحَبَّنِي النَّاسُ (٢)، فَقَالَ: ازهَدْ في الدُّنْيَا (٣) يُحِبُّكَ اللهُ (٤)، وازْهَدْ فِيمَا أَيْدِي النَّاسِ (٥)


= أي من جملتكم أيها المهاجرون والأنصار، وقال تعالى:
ب -[إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم (٢١٨)] من سورة البقرة.
جـ - وقال تعالى: [زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب (٢١٢)] من سورة البقرة.
(١) رضي عني وقبل عملي وأسعدني.
(٢) أكرموني وزادوا في احترامي.
(٣) ارض بقليل الشيء فيها، ولا تكثر من حطامها ولا تحب زخارفها وارغب عن زينتها، وأقبل على ربك بالعبادة، وفي النهاية "أفضل الناس مؤمن مزهد" المزهد القليل الشيء. وحديث الزهري وسئل عن الزهد في الدنيا فقال: هو أن لا يغلب الحلال شكره ولا الحرام صبره أراد أن لا يعجز ويقصر شكره على ما رزقه الله من الحلال ولا صبره عن ترك الحرام أهـ.
(٤) يرحمك ويحسن إليك ويثبك.
(٥) لا تنظر إلى ما في أيدي الناس، وفي الجامع الصغير (ازهد) أي أعرض عنها بقلبك، ولا تحصل منها إلا على ما تحتاج إليه (يحبك الله) لأن الله تعالى يحب من أطاعه وطاعته لا تجتمع مع محبة الدنيا، لأن حبها رأس كل خطيئة (وازهد فيما في أيدي الناس) أي فيما عندهم من الدنيا (يحبك الناس) قال المناوي لأن طباعهم جبلت على حب الدنيا ومن نازع إنساناً في محبوبه قلاه: ومن تركه له أحبه واصطفاه. قال الدارقطني: أصول الحديث أربعة هذا منها أهـ.
وقال الحفني: الزهد لغة ترك الشيء احتقاراً له سواء كان محتاجاً له أو لا، واصطلاحاً ترك ما زاد على حاجته من الحلال، والورع ترك الحرام والشبهة في الدنيا: أي الشاغلة عن طاعة الله تعالى المترتب عليها ضياع حقوق الخلق والحق وهي المعنية بحديث "تعس عبد الدينار" الخ وحديث "الدنيا ملعونة" الخ، أما المعينة على الطاعة فممدوحة كما في حديث "نعمت الدنيا مطية المؤمن. المؤمن بها يصل إلى الخير وينجو من الشر". قال المناوي: وليس من الزهد ترك الجماع فقد قال سفيان بن عيينة كثرة النساء ليست من الدنيا فقد كان علي كرم الله وجهه أزهد الصحابة وله أربع زوجات وتسع عشرة سرية. وقال ابن عباس: خير هذه الأمة أكثرها نساء، وكان الجنيد شيخ القوم يحب الجماع ويقول إني أحتاج إلى المرأة كما أحتاج إلى الطعام (يحبك الناس) ولذا قيل لأهل البصرة. من سيدكم؟ فقالوا الحسن البصري فقيل: فيم سادكم؟ فقالوا احتجنا لعلمه واستغنى عن دنيانا أهـ ص ١٨٦ جـ ١.
حديث بديع جمع التربي الدينية والدنيوية فيغرس في قلب المؤمن القناعة، والرضا، والصبر، والحلم والكرم =

<<  <  ج: ص:  >  >>