للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحِبُّكَ النَّاسُ. رواه ابن ماجة، وقد حسن بعض مشايخنا إسناده، وفيه بعد لأنه من رواية خالد بن عمرو القرشي الأموي السعيدي عن سفيان الثوري عن أبي حازم عن سهل، وخالد هذا قد ترك واتُّهم، ولم أر من وثقه، لكن على هذا الحديث لامعة من أنوار النبوة، ولا يمنع كون راويه ضعيفاً أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وقد تابعه عليه محمد بن كثير الصنعاني عن سفيان، ومحمد هذا قد وثق على ضعفه وهو أصلح حالاً من خالد، والله أعلم.

٢ - وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ دُلَّنِي عَلى عَمَلٍ يُحِبُّنِي اللهُ عَلَيْهِ، وَيُحِبُّنِي النَّاسُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: أَمَّا الْعَمَلُ الَّذِي يُحِبُّكَ اللهُ عَلَيْهِ فالزُّهْدُ في الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْعَمَلُ الَّذِي يُحِبُّكَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ مَا فِي يَدَيْكَ مِنَ الْحُطَامِ (١). رواه ابن أبي الدنيا هكذا معضلا، ورواه بعضهم عنه عن منصور عن ربعي بن حراش قال: جَاءَ رَجُلٌ. فذكره مرسلاً.

الزهد في الدنيا يريح القلب والجسد.

٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا (٢) يَرِيحُ الْقَلْبَ والْجَسَدَ. رواه الطبراني، وإسناده مقارب.

من أزهد الناس

٤ - وَعَن الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ:


= والإنفاق في الخير وتشييد المحامد والمحاسن فيبعد عن اللهو والطمع والشره والبخل، وهكذا من صفات المطرودين من رحمة الله تعالى وكلما زاد الإيمان بالله أقبل العبد على الطاعات وقلل من الدنيا وجعلها سوقاً رابحة نافقة لإيجاد صالح الأعمال فيها وفرصة سانحة لفعل المكرمات. وانظر رعاك الله إلى حال الكفار، والفجار الذين غفلوا عن طاعة الله تعالى وسروا بنعيم الدنيا وبما بسط لهم فيها، وقد حكى الله جل جلاله حادثهم [الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع (٢٦)] من سورة الرعد.
نعمة الدنيا فانية، وما هي بجانب النعيم الباقي إلا متعة لا تدوم كعجالة الراكب وزاد الراعي. قال البيضاوي: والمعنى أنهم أشروا بما نالوا من الدنيا، ولم يصرفوه فيما يستوجبون به نعيم الآخرة واغتروا بما هو في جنبه نزر قليل النفع سريع الزوال أهـ.
(١) أظهر السخاء والجود واجعل ما معك سهل الجنى قريب الفائدة يعود عليهم بالخير والبركة. ولسعيد بن حميد:
تمتع من الدنيا فإنك فاني ... وإنك في أيدي الحوادث عاني
ولحاتم:
لعمري لقد ما عضني الجوع عضة ... فآليت أن لا أمنع الدهر جائعا
فقولا لهذا اللائمي اليوم أعفني ... فإن أنت لم تفعل فعض الأصابعا
(٢) التقلل من جمع المال يسبب راحة الضمير وسعادة الحياة ويطرد الهموم ويبعد المشاغل والوساوس، ويعطي الجسم الراحة التامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>