قال القرطبي: اشتملت هذه السورة على اسمين من أسماء الله تعالى يتضمنان جميع أوصاف الكمال لم يوجدوا في غيرها مسور: وهما الأحد والصمد. لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف المال، وبيان ذلك أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى إليه سؤدده فكان مرجع الطلب منه وإليه، ولايتم ذلك على وجه التحقيق رلا لمن حاز جميع خصال الكمال، وذلك لا يصلح إلا لله تعالى، فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات وصفات الفعل ثلثا. أهـ. وقال غيره: تضمنت هذه السورة توجيه الاعتقاد وصدق المعرفة، وما يجب إثباته لله من الأحدية المنافية لمطلق الشركة، والصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال الذي لا يلحقه نقص، ونفى الولد والوالد المقرر لكمال المعنى، ونفى الكفء المتضمن لنفي الشبيه والنظير، وهذه مجاميع التوحيد الاعتقادي، ولذلك عدلت ثلث القرآن لأن القرآن خبر وإنشاء، والإنشاء أمر ونهي وإباحة، والخبر خبر عن الخالق وخبر عن خلقه فأخلصت سورة الإخلاص الخبر عن الله، وخلصت قارئها عن الشرك الاعتقادي، ومنهم من حمل المثلية على تحصيل الثواب. فقال معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب يحصل للقارئ مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن. أهـ. فتح ص ٥٠ جـ ٩. وفي البخاري باب قوله (الله الصمد) والعرب تسمى أشرافها الصمد. قال أبو وائل: هو السيد الذي انتهى سؤدده، وفي العيني أشار بهذا إلى أن المعنى الصمد عند العرب الشرف، ولهذا يسمون رؤساءهم الأشراف بالصمد، وعن ابن عباس: هو السيد الذي قد تكمل بأنواع الشرف والسؤدد، وقيل هو السيد المقصود في الحوائج. كفؤا، وكفيئا على وزن فعيل، وكفاء بالكسر على وزن وفعال بمعنى واحد، والكفؤ: المثل والنظير، وليس لله عز وجل كفو ولا مثيل، وقال الثعلبي: أي ليس له أحد كفوا. أهـ ص ٩ جـ ٢٠.