للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الترغيب في الصدقة والحث عليها وما جاء في جهد المقل

ومن تصدق بما لا يجب

١ - عنْ أبي هُريرة رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منْ تصدَّق بعدْلِ (١) تَمرةٍ منْ كَسْبٍ طيِّبٍ (٢)، ولا يَقْبل الله إلا الطَّيِّبَ، فإنَّ الله يَقْبَلُها (٣) بيمينهِ (٤)،

ثمَّ يربِّيها لصاحبها كما يُربِّى أحدُكُمْ فلُوَّهُ (٥) حتى تكون مثل الجبلِ. رواه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه.

٢ - وفي روايةٍ لابنِ خُزيمة: إنَّ العبد إذا تصدَّق منْ طيِّبٍ تقبَّلها الله منْهُ، وأخذها بيمينهِ فرَبَّاها كما يُربِّى أحدكمْ مهْرهُ أوْ فصيلهُ (٦)، وإنَّ الرَّجل ليتصدق بالقمةِ فتْربو في يد الله، أوْ قال في كفَّ الله حتى تكون مثْلَ الجبلِ فتصدَّقوا.

٣ - وفي روايةٍ صحيحةٍ للتَّرمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله يقْبلُ الصَّدقة، ويأخذها بيمينه فيُربِّيها لأحدكمْ كما يربِّى أحدكم مُهْرهُ حتى إنَّ اللقمة لتصير مثل أحدٍ، وتصْديق ذلك في كتاب الله: ألمْ يعْلَموا أنَّ الله هو يقبل التَّوبةَ عن عبادهِ،


(١) مقدار.
(٢) حلال
(٣) كذا ط وع ص ٢٩٢، وفي ن د: يتقبلها.
(٤) قال المازري: قد ذكرنا استحالة الجارحة على الله سبحانه وتعالى، وأن هذا الحديث وشبهه إنما عبر به على ما اعتادوا في خطابهم ليفهموا فكنى هنا من قبول الصدقة بأخذها في الكف، وعن تضعيف أجرها بالتربية، قال القاضي عياض: لما كان الشيء الذي يرتضي ويعز يلتقي باليمين، ويؤخذ بما استعمل في مثل هذا واستعير للقبول والرضا كما قال الشاعر:
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمن
قال: وقيل: عبر باليمين هنا عن جهة القبول والرضا إذ الشمال بضده في هذا. قال: وقيل: المراد بكف الرحمن هنا، ويمينه كف الذي تدفع إيه الصدقة، وإضافتها إلى الله تعالى إضافة ملك واختصاص لوضع هذه الصدقة فيها الله عز وجل. قال: وقد قيل في تربيتها وتعظيمها حتى تكون أعظم من الجيل أن المراد بذلك تعظيم أجرها، وتضعيف ثوابها. قال: ويصح أن يكون على ظاهره، وأن تعظيم ذاتها، ويبارك الله تعالى فيها، ويزيدها من فضله حتى تثقل في الميزان نحو قول الله تعالى: (يمحق الله الربا ويربى الصدقات). أهـ ص ٩٩ جـ ٧.
(٥) مهره - سمي بذلك، لأنه فلى عن أمه: أي فصل وعزل.
(٦) الفصيل: ولد الناقة إذا فصل في إرضاع أمه، ومعنى الله طيب: أي منزه عن النقائص، وهو بمعنى القدوس، وأصل الطيب: الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>