(أكلة السحر خفيفة، والغرض منها الاعانة على طاعة الله وانتظار رحمته سبحانه) حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على السحور لما فيه من قيام الليل، ووجود فرصة لذكر الله وتسبيحه وتمجيده، والتهجد له، وقراءة القرآن، وصلاة الفجر وغير ذلك من أعمال رمضان الخيرية، وما أوقات رمضان إلا سوق نافقة تشري فيها المحامد، وتكتسب فيها المكارم، وتشاد فيها الصالحات، ولقد أسمع ممن ضعف إيمانهم أن السحور يجلب التخمة، ويورم العينين، ويبعث الغازات، وهكذا من إسرافهم في أنواع الأطعمة والأشربة، ونسوا قوله صلى الله عليه وسلم: أ - (نعم السحور التمر). ب - (نعم سحور المؤمن التمر) اجمع أيها المؤمن أساطين الحكماء، وفطاحل الأطباء، ومهرة العلماء في الكيمياء ليحللوا التمر وليبينوا غذاءه وما أودع فيه الخالق من الخفة والسهولة في الهضم، والقدر الكافي الذي يعنيه طبهب النفوس سيدنا وقرة عيونننا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشير صلى الله عليه وسلم من هذين الحديثين إلى أمرين جليلين: أ - خفة طعام السحور. ب - اليقظة في السحر حتى مطلع الفجر للعبادة (نعم) أي مبالغة في مدح التمر، والمعنى لو فصل الطعام نوعا نوعا لفضلهم التمر. يريد صلى الله عليه وسلم أن يعملوا بسنة أكل السحر، ويراعوا خفته وجودة نوعه ولا يسترسلوا في أطعمة التخمة، وما الحرص على ملذات الأطعمة والزيادة فيها إلا من صفات الكفرة الفسقة العصاة الغافلين عن ذكر الله كما قال تعالى: (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار، والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم) ١٣ من سورة محمد (يتمتعون) ينتفعون بمتاع الدنيا حريصين غافلين من العاقبة. (مثوى) منزل ومقام، فيأيها الشاكون من تخمة السحور. الذنب ذنبكم، تسرفون في الأكل، وتكلفون المعدة فوق طاقتها، وتتغالون في كثرة الأطعمة وأنواعها، وآسف تأكلون وتنامون مباشرة، وهذا ليس من السنة. قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) وقد أثنى صلى الله عليه وسلم على سحور التمر أو ما يشبهه فعليك أخي بآداب الدين تفلح وتنجح وتربح: (الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم) ٥٧ من سورة الحج.