للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترغيب في الخلق الحسن وفضله، والترهيب من الخلق السيئ وذمه]

١ - عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر (١) والإثم، فقال: البر حُسْنُ الْخُلُقِ، والإثمُ ما حَاكَ (٢) في صَدركَ، وكَرِهْتَ أن يَطلعَ عليه الناسُ" رواه مسلم والترمذي.

٢ - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "لم يكن


= رابعاً: ثواب الحياء كنوز مدخرة وأجرها جزيل في الآخرة.
خامساً: هيئة المستحي جميلة يكسوها الوقار والهيبة وتحفها الزينة والإجلال، ولو مثل كان "رجلاً صالحاً".
سادساً: المستحي أعمالة صالحة، وهو موفق "إلا زانه".
سابعاً: وحركات المستحي وسكناته كلها في طاعة فلا يفكر ولا يأكل إلا ما يرضي الله جل وعلا "حق الحياء".
ثامناً: عدم الحياء مصيبة ودمار يجلب سخط الرب تعالى والناس فيستحق قليل الحياء كل مقت، ولعن وعد خائناً سارقاً فاحشاً "رجيماً ملعنا".
تاسعاً: من لا يستحي قاسي القلب جبار متكبر متجبر أرخى العنان لنفسه في عصيان الله غير موطد العزيمة على طاعة الله، وكساه الله الغل والخيبة ونزع منه دلائل الرضا والقبول "ربقة الإسلام". والحياء كما في الغريب: انقباض النفس عن القبائح وتركها، ولا يعد الجبان مستحياً، لأن الدين يدعو إلى عزة النفس وشجاعتها في الحق ودرك المحامد في تذليل المخاوف وإزالة الأخطار كما قال تعالى: "والله لا يستحي من الحق" من سورة الأحزاب. وكما قال الشاعر:
وبالإقدام يسهل كل صعب ... وبالتمويه يتسع المجال
وللمرحوم حافظ بك إبراهيم:
امنع يديك وكف سوطك إنما ... بالبغي تجحد نعمة الديان
أبت العواطف أن تزور لجاهل ... قلباً ولا تأوي له بجنان
لا تألف الشفقات إلا أنفسا ... قد طهرت بالعلم والعرفان
وقد روى البخاري: "لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر".
وقد ورد في الفتح: حكى ابن التين عن أبي عبد الملك أن المراد "بالحياء من الإيمان" كمال الإيمان، وقال أبو عبيد الهروي: معناه أن المستحي ينطقع بحيائه عن المعاصي. وقال عياض وغيره: إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة، لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم. أهـ ص ٣٩٩ جـ ١٠
وكان صلى الله عليه وسلم في الغريزي أشد حياءً من العذارء في خدرها، وفي المكتسب في الذروة العليا، ومعنى العذارء: البكر، وخدرها: الموضوع الذي تحبس فيه وتستتر، والحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياءً شرعياً، بل هو عجز ومهانة.
(١) البر: الإحسان إلى الناس والتقرب إلى الله تعالى، وفي النهاية: وأن البر دون الإثم: أي وإن الوفاء بما جعل على نفسه دون الغدر والنكث.
(٢) أي أثر فيه ورسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>