للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترغيب في مجالسة العلماء]

١ - عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا (١). قالوا يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال مجالس العلم. رواه الطبراني في الكبير، وفيه راوٍ لم يسمّ.

٢ - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لقمان (٢) قال لابنه يا بنى: عليك بمجالسة العلماء، واسمع كلام الحكماء (٣) فإن الله لَيُحي القلب الميت بنور الحكمة كما يحيى الأرض الميتة بوابل المطر. رواه الطبراني في الكبير من طريق عبيد الله بن زحر عن علىّ بن يزيد عن القاسم، وقد حسنها الترمذي لغير هذا المتن، ولعله موقوف، والله أعلم.

٣ - وعن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله أيُّ جُلسائنا خير؟ قال: من ذكركم الله رُؤْيته (٤)، وزاد في علمكم منطقه (٥) وذكركم بالآخرة عمله (٦) رواه أبو يعلى، ورواته، رواة الصحيح إلا مبارك بن حسان.


(١) فاجلسوا.
(٢) لقمان حكيم، وليس بنبي باتفاق الجمهور، وهو من أسرة إبراهيم الخليل عليه السلام وكان يوازر سيدنا داود، وسئل فيم بلغت الحكمة؟ قال بصدق الحديث: وأداء الأمانة، وترك مالا يعنينى، وفي تفسير الجلالين. وكان يفتى قبل بعثة داود، وأدرك بعثته، وأخذ عنه العلم، وترك الفتيا، وقال في ذلك. ألا أكتفى إذا كفيت، وقيل له. أي الناس شر؟ قال الذي لا يبالى إن رآه الناس مسيئاً، أهـ.
فأنت ترى لقمان يوصى ابنه أن يحادث العلماء، ويصاحبهم، ويلتقط دررهم، ويتفقه في دينه ليأمن الزلل، ويشرق قلبه بنور العلم والعمل، وينطق لسانه بإصابة القول، ويستكمل النفس الإنسانية بالمحامد، واقتباس العلوم النظرية، واكتساب الملكة التامة لإيجاد الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها ويحيا حياة طيبة كما يحيى الغيث الأرض المجدية فتثمر، والله أعلم.
(٣) الحكيم الذي يحكم الأشياء ويتقنها - وقيل ذو الحكمة، والحكمة: عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها حكيم، والحكم: العلم والفقه والقضاء بالعدل.
(٤) أي من إذا رأيتموه نطق لسانكم بذكر الله، وتسبيحه، وتحميده، وتمجيده، وذلك لصلاحه، وورعه وتقواه، قد وضع الله الهيبة في قلب من أبصره، وإن لطاعة الله روعة وأنوارا يراها العارفون بالله. وقد قال تعالى في وصف الصالحين: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجداً يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم (١) في وجوههم من أثر السجود).
(٥) أي قوله فقكم إلى أمور الدين، وبدائع الشريعة.
(٦) أعمال ذلك الجليس ترشدكم إلى يوم القيامة الذي يحتاج إلى زاد، فلا بد من استغفار وصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، وذكره سبحانه وتعالى، والمحافظة على الأوامر، واجتناب المناهى، واستماع القرآن، والعمل به، وهكذا يكون الجليس قدوة صالحة، وأسوة حسنة رجاء الفوز بجنات النعيم، والفلاح، والرباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>