للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الترغيب في الإنفاق في وجوه الخير كرما)

والترهيب من الإمساك والادّخار شحا

١ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من يومٍ يُصْبح العباد فيه إلا ملكانِ ينزلان فيقول أحدهما: اللهمَّ أعط منفقا (١) خلفاً ويقول الآخر: اللهمَّ أعط ممسكا (٢) تلفاً (٣). رواه البخاري ومسلم، وابن حبان في صحيحه، ولفظه:

إنَّ ملكاً بيابٍ من أبواب الجنَّة يقول: من يقرضِ (٤) اليوم يجزَ غداً (٥)، وملك بابٍ آخر يقول: اللهمّ أعطِ منفقاً خلفاً، وأعطِ ممسكا تلفاً. ورواه الطيراني مثل ابن حبان إلا أنه قال: ببابٍ من أبواب السماء.

٢ - وعن رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الله تعالى يا عبدي: أنفق أنفق عليك. وقال: يد (٦) الله ملأى لا يغيضها نفقه سحاء الليل والنَّار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنَّه لم يغضْ ما بيدهِ، وكان عرشهُ على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفعُ. رواه البخاري ومسلم.

(لا يغيضها) بفتح أوله: أي لا ينقصها.


(١) جواداً كريما. قال النووي قال العلماء: هذا في الإنفاق في الطاعات، ومكارم الأخلاق، وعلى العيال والضيفان والصدقات، ونحو ذلك بحيث لا يذم، ولا يسمى سرفا، والإمساك المذموم هو الإمساك عن هذا أهـ ص ٩٥ جـ ٧.
(٢) بخيلا مقصرا شحيحا في حقوق الله.
(٣) خرابا وعدم بركة.
(٤) يعط لله في حياته.
(٥) ينل ثوابه يوم القيامة. في ع بلا يا عبيدي.
(٦) خزائنه لا تنفد، والسح: الصب الدائم. قال النووي شارحا قوله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم (يد الله ملأى). قال القاضي قال الإمام المازوري: هذا مما يتأول لأن اليمين إذا كانت بمعنى المناسبة للشمال لا يوصف بها البارئ سبحانه وتعالى لأنها تتضمن إثبات الشمال، وهذا يتضمن التحديد، ويتقدس الله سبحانه عن التجسيم والحد، وإنما خاطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يفهمونه، وأراد الإخبار بأن الله تعالى لا ينقصه الإنفاق، ولا يمسك خشية الإملاق، جل الله عن ذلك، وعبر صلى الله عليه وسلم عن توالي النعم بسح اليمين لأن الباذل منا يفعل ذلك بيمينه. قال: ويحتمل أن يريد بذلك أن قدرة الله سبحانه وتعالى عل الأشياء على وجه أحد لا يختلف ضعفاً وقوة، وأن المقدورات تقع بها على جهة واحدة لا تختلف قوة واضعفا كما يختلف فعلنا باليمين والشمال، تعالى الله عن صفات المخلوقين ومشابهة المحدثين أهـ ص ٨٠ جـ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>