للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم يقال له خَصْفَةُ بن خصفة: فجعل ينظر إلى سمينٍ، فقلتُ له: ما تنظر إليه؟ فقال: ذكرتُ حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعتهُ يقول: هلْ تدرون ما الشَّديد؟ قلنا: الرَّجل يصرع الرَّجل. قال: إنَّ الشديد كلَّ الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، تدرون ما الرَّقوبُ؟ قلنا: الرَّجل الذي لا يولد له. قال: إنَّ الرَّقوب الرَّجل الذي له الولد، لمْ (١) يقدِّم منهمْ شيئاً، ثمَّ قال: تدْرون ما الصُّعْلوك؟ قال قلنا: الرَّجل الذي لا مال له؟ قال: إن الصُّعلوك كلَّ الصُّعلوك الذي له المال لم يقدم منه شيئاً. رواه البيهقي، وينظر سنده.

(قال الحافظ): ويأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الملبس: باب في الصدقة على الفقير بما يلبسه.

[الترغيب في صدقة السر]

١ - عنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم


= إلا الماء، وأصبحوا صياما، فلما أمسوا، ووضعوا الطعام وقف عليهم يتيم فآثروه، ثم وقف عليهم في الثالثة أسير، ففعلوا مثل ذلك، فنزل جبريل عليه السلام بهذه السورة، وقال: خذها يا محمد هناك الله في أهل بيتك قال تعالى: (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً. عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً. يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا. ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا. فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا. وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا. متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا. ودانية عليهم ظلالها وذلك قطوفها تذليلا. ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير قوارير من فضة قدروها تقديرا. ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلا. عيناً فيها تسمى سلسبيلا. ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤ منثورا. وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا. عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا. إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً) ٥ - ٢٢ من سورة الدهر.
فهل تقتدي أيها المؤمن بأولئك الكرام الذين جادوا من قلة وأنفقوا في ضيق اعتماداً على الله، ورجاء رحمته ورضوانه، وقال الصاوي في تفسير: (ويطعمون الطعام) نزلت في علي بن أبي طالب وأهل بيته، وذلك أنه أجر نفسه ليله ليسقى نخلا بشيء من شعير حتى أصبح، وقبض الشعير، وطحنوا ثلثه، فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه يقال له الحريرة، فلما تم نضجه أتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام إلى آخره (على حبه) أي مع حبه وشهوته، ففيه إيثار على النفس، ويصح رجوع الضمير لله: أي على حب الله: أي لوجهه، وابتغاء رضوانه، وخص الثلاثة لأنهم من العواجز المعدمين الكسب. أهـ، والأسير المحبوس بحق: أي وأولى المحبوس بباطل، وعلي رضي الله عنه سأله سائل، وهو راجع في صلاته فطرح له خاتمه (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) في الصلاحة حرصاً على الإحسان، ومسارعة إليه. قال ابيضاوي: نزلت في علي رضي الله عنه أهـ (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة) الآية.
(١) في د: ط ولم ص ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>