(أنما نمدهم): أي أن ما نعطيهم ونجعله لهم مدداً، والخير غير معاقب عليه، وإنما المعاتب عليه اعتقادهم أن ذلك خير لهم - وهذا في الكفار، ولكن أريد أن أشبه البخيل غير للنفق في مشروعات الخير بأولئك الذين قست قلوبهم خلت من الإيمان بالله المعطي المخلف. (مشفقون): حذرون خائفون من عذاب الله، وإن شاهدنا: (والذين يؤتون ما آتوا): أي يعطون ما أعطوه من الصدقات، وقرئ: (يأتون ما أتوا) أي يفعلون ما فعلوا من الطاعات، وقلوبهم خائفة أن لا يقبل منهم، وأن لا يقع على الوجه اللائق، فيؤاخذ به (يسارعون): أي يرغبون في الطاعات أشد الرغبة، فيبادرون بها، أو يسارعون في نيل الخيرات الدنيوية الموعودة على صالح الأعمال بالمبادرة إليها كقوله تعالى: (فآتاهم الله ثواب الدنيا) فيكون إثباتا لهم ما نفي عن أضدادهم. (سابقون) لأجلها فاعلون السبق، أو سابقون الناس إلى الطاعة، أو الثواب، أو الجنة. (وسعها): قدر طاقتها. يريد به التحريض على ما وصف به الصالحين، وتسهيله على النفوس (كتاب): يريد به اللوح، أو صحيفة الأعمال. (بالحق): بالصدق لا يوجد فيه ما يخالف الواقع. (لا يظلمون): بزيادة عقاب، أو بنقصان ثواب أهـ بيضاوي. وهل تجد أسمى صفة من الإقدام على الإنفاق ثقة بالله واعتقاداً بحسن جزائه سبحانه وتعالى. اعتراف أهل سقر بأعذارهم منها: (ولم نك نطعم المسكين) يفصل الله بين الخلائق فيذهب العصاة والكفرة الفسقة إلى جهنم، فيتحادث المجرمون: ما سلككم في سفر ٤٣ قالوا لم نك من المصلين ٤٤ ولم نك نطعم المسكين ٤٥ وكنا نخوض مع الخائضين ٤٦ وكنا نكذب بيوم الدين ٤٧ حتى أتانا اليقين ٤٨ فما تنفعهم شفاعة الشافعين) ٤٩ من سورة المدثر. أيها المسلم: هذا إقرار من الجهنميين، وكان من صفاتهم البخل وانعدام الخير منهم، ولا يعطون الفقراء: أ - لا يؤدون الصلاة الواجبة. ب - ولا يؤدون ما يجب إعطاؤه. جـ - يشرعون في الباطل (مع الخائضين): الشارعين فيه. د - يكذبون بيوم القيامة. أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعمون الطعام على حبه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الكرم والقدوة الحسنة في الإنفاق فلا غرو وأن يظهر أثر تعاليمه في أهله وأقربائه. قال البيضاوي في تفسيره: وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الحسن والحسين رضي الله عنهما مرضا، فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس، فقالوا: لو نذرت على ولديك، فنذر على وفاطمة رضي الله عنهما صوت ثلاث إن برئا فشفيا، وما معهم شيء، فاستقرض على من (شمعون الخيبري) ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعا واختبزت خمسة أقراص، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم مسكين، فآثروه، وباتوا ولم يذوقوا =