عنى بالكافر الساتر للحق، فلذلك جعله فاسقاً، ومعلوم أن الكفر المطلق هو أعم من الفسق، ومعناه من جحد حق الله فقد فسق عن أمر ربه بظلمه، ولما جعل كل فعل محمود من الإيمان، جعل كل فعل مذموم من الكفر وقال في السحر: "وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر" (من سورة البقرة). وقوله: "الذين يأكلون الربا" إلى قوله: "كل كفار أثيم" (٢٧٦ من سورة البقرة). وقال: "ولله على الناس حج البيت" إلى قوله: "ومن كفر إن الله غني عن العالمين" (٩٧ من سورة آل عمران). وقوله تعالى: "إن الإنسان لكفور" (٦٦ من سورة الحج)، والكفور: المبالغ في كفران النعمة. وقوله تعالى: "أولئك هم الكفرة الفجرة" (٤٢ من سورة عبس). ألا ترى أنه وصف الكفرة بالفجرة، والفجرة قد يقال للفساق من المسلمين. أهـ. فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الذي يصف أخاه المسلم بالكفر ينال ذنباً إن لم يكن كذلك، لماذا؟ لأن القائل يا كافر أعتقد أن عقائده زائغة وأعماله رديئة، وأفعاله سيئة وباطنه غاش منطو على الأذى، فإن صدق في قوله نجا، وأثم ذلك المتخلق بأخلاق الكفرة الفسقة العصاة، وإن كذب في قوله لأخيه يا كافر عصى الله، ووصفه بما ليس فيه، لأنه رجل صالح متمسك بالدين وبسنن خير المرسلين، صلى الله عليه وسلم فكأنه افترى عليه وتعدى عليه بما لا يليق به وهجم على ذم ذاته المصونة المكملة بالصالحات. (٢) أي المحارب لآداب الله التارك لأوامره.