(٢) غضبان. (٣) متقاطعان متباغضان: متنافران. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه أو يدخل منه على نفسه أو دينه مضرة، فإن كان كذلك جاز، ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. أهـ. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه عقوبة لهم لتخلفهم عن غزوة تبوك بغير عذر، ولم يمنع من كلام من تخلف عنها من المنافقين مؤاخذة للثلاثة لعظيم منزلتهم وازدراء بالمنافقين لحقارتهم، وقد ذكر الخطابي أن هجر الوالد ولده والزوج زوجته، ونحو ذلك لا يتضيق بالثلاث، واستدل بأنه صلى الله عليه وسلم هجر نساءه شهراً، وكذلك ما صدر من كثير من السلف في استجازتهم ترك مكالمة بعضهم بعضاً مع علمهم بالنهي عن المهاجرة، ولا يخفى أن هنا مقامين: أعلى، وأدنى، فالأعلى اجتناب الإعراض جملة فيبذل السلام والكلام والمواددة بكل طريق، والأدنى الاقتصار على السلام دون غيره، والوعيد الشديد: إنما هو لمن يترك المقام الأدنى، وأما الأعلى فمن تركه من الأجانب، فلا يلحقه اللوم، بخلاف الأقارب، فإنه يدخل فيه قطيعة الرحم. أهـ فتح ص ٣٨١ جـ ١٠ وروى البخاري: في باب ما يجوز من الهجران لمن عصى. وقال كعب: حين تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا، وذكر خمسين ليلة. قال في الفتح أراد بهذه الترجمة بيان الهجران الجائز، لأن عموم النهي مخصوص بمن لم يكن لهجره سبب مشروع فبين من هذا السبب المسوغ للهجر، وهو لمن صدرت منه معصية فيسوغ لمن اطلع عليها منه هجره عليها ليكف عنها. ص ٣٨٢، ففيه التنوع: ترك المكالمة أو مغضبة بين الأهل والإخوان، فيجوز الهجر فيه بترك التسليم مثلاً أو بترك بسط الوجه مع عدم هجر السلام والكلام. وقال الكرماني: لعله أراد قياس هجران من يخالف الأمر الشرعي على هجران اسم من يخالف الأمر الطبيعي. وقال الطبري: قصة كعب بن مالك أصل في هجران أهل المعاصي.