للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفلا أكلِّمهُ (١) فيك، فقال إنْ أحْببْتَ؟ قال: فانْتَعلَ (٢) ابن عبَّاس، ثمَّ خرج منْ المسجد. فقال له الرَّجل: أنسيت ما كُنْتَ فيه؟ قال: لا ولكني سمعت صاحب هذا القبْرِ صلى الله عليه وسلم، والعهد به قريب فدمعتْ عيناه، وهو يقول: من مشي في حاجةِ أخيه (٣)، وبلغ فيها كان خيراً لهُ من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكفَ يوماً ابتغاءَ وجه الله تعالى جعل الله بينهُ وبين النَّار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين (٤).

رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي واللفظ له، والحاكم مختصرا، وقال: صحيح الإسناد كذا قال.

(قال الحافظ): وأحاديث اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة في الصحاح وغيرها ليست من شرط كتابنا.

[الترغيب في صدقة الفطر وبيان تأكيدها]

١ - عنِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) أأحادثه في شأن صحبتك وهجره وبعده.
(٢) فانتعل كذا ط وع، وفي ن د فانتقل: أي لبس نعله.
(٣) سعي لمصلحة أخيه أو مشى للصلح بينهما، أو يشفع لقضاء الحاجات أعطاه الله ثوابا أكثرمن ثواب اعتكاف عشر سنين.
(٤) من جلس لعبادة الله طول يوم قاصدا إرضاء الله ورضوانه أبعد الله المسافة بينه وبين النار بعد ما بين المشرق والمغرب، أو بعد ما بين الأرض والسماء. وخوافق السماء: الجهات التي تخرج منها الرياح الأربع. وفي هذا الحديث بيان فضل قضاء حاجات المسلمين، والشفاعة لهم، والإصلاح بينهم، وعلو المنزلة، وزيادة الدرجات لمن يجيب رجاء الطالبين، ويكون غيثا للسائلين، ونصير المستضعفين، وأن الزمن الذي يصرف في ذلك يساوي أضعاف أضعاف غيره من ذكره وصلاة من أنواع العبادة.
سيدنا ابن عباس يتطوع بالسؤال عن حال أخيه المسلم، ويسري عنه همومه، ويزيل أحزانه ويبعد ما شغله ثم يخرج عن اعتكافه شفيعاً له، ويذكر حكمة من في حبيبه، وابن عمه صلى الله عليه وسلم (من مشى في حاجة أخيه) لماذا؟ لانتظار ثواب الله، وثقة بوعد الله، واعتقادا بمضاعفة أجر الله، وهذا من ثمرات تعاليم الكتاب السنة، ومصداق ذلك قوله تعالى:
أ - (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين) ٦١ من سورة القصص (وعدا حسنا) وعدا بالجنة، فإن حسن الوعد بحسن الموعود (فهو لاقيه) مدركه لا محالة لامتناع الخلف في وعده (متاع الحياة الدنيا) الذي هو مشوب بالآلام، مكدر بالمتاعب، مستعقب بالتحصر على الانقطاع (من المحضرين) للحساب أو للعذاب.
ب - (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين) ٥٧ من سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>