رحل إلى مكة وسمع الحديث من أبى عبد الله بن البناء وطبقته، ثم ذهب إلى دمشق وسمع من عمر بن طبرزد ومحمد بن وهب بن الشريف والخضر بن كامل وأبى اليمن الكندى وخَلق، ثم سمع - بحران - والرها والاسكندرية وغيرها.
مؤلفاته
وتفقه رحمه الله فصنف شرحا على التنبيه، وألف مختصر سنن أبو داود وحواشيه، وهو كتاب مفيد يسطع ضوؤه للقارئين، وله مختصر صحيح مسلم، وخرّج لنفسه معجما كبيرا يفيد المطلعين، وأفتى في مسائل جمة، وخرج كثيرا، وأفاد العالم بعلمه، وبه تخرّج الحافظ أبو محمد الدمياطي، وإمام المتأحرين تقىّ الدين بن دقيق العيد: والشريف عز الدين وطائفة من العلماء فاضت عليهم بركته، وشملتهم فضائله، وعمتهم مباحثه، وقد سمعنا الكثير ببلبيس على أبى الطاهر إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن على بن سيف بإجازته منه.
قال الذهبى: وماكان في زمانه أحفظ منه، ومن شعره:
اعمل لنفسك صالحا لا تحتفل ... بظهور قيل في الأنام وقال
فالخلق لايرجى اجتماع قلوبهم ... لا بدّ من مثن عليك وقال
وإنى أبشر من يقرأ في هذا الكتاب بالمغفرة والرضوان: وقد قال في مقدمته (وأنا أستمد العون على ما ذكرت من القوى المتين، وأمدّ أكف الضراعة إلى من يجيب دعوة المضطرين أن ينفع به كاتبه وقارئه ومستمعه وجميع المسلمين).
وهأنذا أضبط كلمات الأحاديث ليقرأها القارئ صحيحة، والله يغفر لنا، واعذرني أيها القارئ فالقلم يعجز أن يحدّث عن محامد ذلك العلامة الذي سهل للمسلمين سبل الاطلاع على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تشرح صدرك، وتبهج نفسك، وتقر عينك، وتزيل ألمك، وتبعد همك وتغذيك بلبان معارفها، وصريح عباراتها، وبلسم طبها، وحكيم قولها، وبديع لفظها، وجميل أسلوبها، ومحاسن وعظها، وبدائع إِرشادها. فتجد أبوابا اجتماعية وخلقية جمعت الخير كله وحثت على جنى ثمار الدين، وقطف أزهاره للعاملين، ونهت عن الشر العاصين وحذرت وأنذرت. فأرجو أن تقتنى هذه النفائس، وتكنز هذه الجوائز؛ وتعمل منها وردا كل صباح