أيها المسلمون: لقد صدق حديث أبى هريرة الآن: لم يكن في زمان النبى صلى الله عليه وسلم غزو يرابط فيه ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة، هذا لنا عصرنا الآن في هذا الزمان فعليك أخى أن تحافظ على صلاة المغرب في المسجد في إبان وقته ثم تنتظر العشاء. ثم تستيقظ مبكرا قبيل الفجر بساعة وتذهب إلى التهجد وتعبد ربك حتى مطلع الفجر - هذه نصيحتى لا تعوقك عن عملك نهاراً، ولا تؤخر في إتقانه وأدائه، كيما تحب الله ورسوله، وتجلب لك رضا الخالق جل وعلا، ورضا المخلوق، وتجعل صحائفك مملوءة بالحسنات تنفعك في آخرتك. مع ملاحظة أداء عملك يومك لتنفق على أسرتك؛ ولتكسب عيشك الهناءة والرغد؛ ولتتمتع بصنوف النعم وخيرات الله، وبذا تعمل للدنيا والآخرة وتكون من الذين يتنافس الأبرار في كتابه حسناتهم. الدنيا دار عمل والعاقل من كد وكدح على شريطة أن لا يتغالى في طلبها، ويختلس من ساعاته عملا لله وذكره وحسبك حكمة مأثورة: أعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا. هل تذهب أيها الموظف إلى حديقة الأدب لترى رجلا كان أحد جبابرة العرب وساستها وقادتها وحكامها وموطد ملك بنى أمية، وأحد البلغاء، والخطباء المصاقع. ماذا عمل بولايته، وقد خدم عبد الله بن مروان وابنه الوليد. إنه الحجاج بن يوسف الثقفى ولد سنة ٤١ هـ، وتوفى سنة ٩٥ هـ في مدينة واسط بالعراق. اقرأ حكايته يا أخى عسى أن تعتبر وتحافظ على الصلاة لتنجو من عذاب الله. قال أبو على: وحدثنى أبو بكر قال: حدثنى أبى قال: حثدنا أحمد بن عبيد في أخبار الحجاج بن يوسف أنه لما حضرته الوفاة وأيقن بالموت قال اسندونى، وأذن للناس فدخلوا عليه، فذكر الموت وكربه، واللحد ووحشته، والدنيا وزوالها، والآخرة وأهوالها، وكثرة ذنوبه، وأنشأ يقول: إن ذنبى وزن السموات والأر ... ض وظنى بخالقى أن يحابى فائن من بالرضا فهو ظنى ... ولئن مر بالكتاب عذابى لم يكن ذاك منه ظلما وهل يظـ ... لم رب يرجى لحسن المآب ثم بكى وبكى جلساؤه، ثم أمر الكاتب أن يكتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان. أما بعد، فقد كنت أرعى غنمك، أحوطها حياطة الناصح الشفيق برعية مولاه. فجاء الأسد فبطش بالراعى ومزق المرعى كل ممزق، وقد نزل بمولاك ما نزل بأيوب الصابر، وأرجو أن يكون الجبار أراد بعبده غفراناً لخطاياه، وتكفيراً لما حمل من ذنوبه، ثم كتب آخر الكتاب: =