رابعاً: كل من قدر على أداء ما اقترض ولم يف حشر مع الظالمين وعوقب معاقبة المجرمين المسيئين وحل عليه غضب الله وكراهته (الغني الظلوم). خامساً: المدين المماطل يجلب لأمته الدمار والوباء والخسران ويوقعها في الذنوب المهلكة ويبعدها من تطهير الله ورحمته ورأفته بها (ما قدس الله أمة) أي طهرها من الخطايا. سادساً: أداء الدين بسهولة يجلب رضا الله وإحشانه ويسبب الدعواته الصالحة من العالم أجمع (صلت عليه دواب الأرض) أي كل ما دب وفيه الحياة. سابعاً: المقصر في الأداء الذي هجر دائنه وأ غضبه سجلت عليه الآثام بكرور الأزمان (يلوي غريمه) ثم ضرب صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى لوفائه وحمله وحسن أدائه (يا خولة عديه واقضيه) ثم وسع خلقه ذلك الأعرابي الجاف الفظ الغليظ الذي اشتد عليه حتى قال (أخرج عليك إلا قضيتني) أي أعلن الحرب وأشق عصا طاعتك إن لم تؤد حقي. مسكين أيها الأعرابي. شيء قليل اقترضه منك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجئت وليس عنده شيء مطلقا، لكن أبي كرمه صلى الله عليه وسلم إلا أن يكرم وفادته ويغدق عليه بإحسانه ويرد ما أخذ مضاعفا، ثم دعا له صلى الله عليه وسلم الأعرابي (أوفيت أوفى الله لك) هكذا تكون مكارم الأخلاق حسن الأداء مع البشاشة واللطف والجود. وهنا درس مفيد وعظة بالغة لعلنا نعمل بها ونتخلق بأخلاق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. يريد أصحابه أن يردوا جهل ذلك الأعرابي ويفهموه درجة السيد الأعلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فحضهم صلى الله عليه وسلم على نصر الضعيف وجماراة الحق والأخذ بيد الضعيف (هلا مع صاحب الحق كنتم) أرأيت أبدع من هذا؟ يحض أصحابه صلى الله عليه وسلم أن يكونوا في صف صاحب الحق مهما سمت درجة المدين وقويت شوكته وعز سلطانه، والأبدع من هذا أن خير الخلق زاهد راغب عن حطام الدنيا مستغرق في طاعة الله فقرض من الأعرابي ثم قرض من خولة ما يؤدي به حق الأعرابي حتى أفرحه وأكسبه رضاه ولم يخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وهو مبتسم جذل فرح ترفرف عليه راية الوفاء وحسن الأداء وطيب القضاء ثم قال صلى الله عليه وسلم (أولئك خيار الناس) أي الذين يدافعون عن الحق وينضمون إلى أصحاب الحق ويساعدون على تنفيذه، وكذا دافع الحق بسهولة من صفات الأبرار الصالحين أفاضل الخلق وأطايبهم وأحسنهم فعليك أخي بحسن المعاملة ودفع ما عليك من الديون بالتي هي أحسن والتخلق بأخلاق نبيك ورسولك فتفي بوعدك وتنجز ما عاهدت عليه وتتقي الله وتخشاه وتحسن كما أحسن الله إليك قال تعالى (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له من الآخرة من نصيب). (الآيات الدالة على إحسان الله إلى المتقين المؤتمنين الذين يرعون حقوق الناس بالحق ويؤدونه) أ - قال تعالى: (وأوفوا بعده الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون) ٩١ من سورة النحل. يعني البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، ويؤخذ منها العمل بكتابة وتنفيذ أوامره واجتناب مناهيه ومنه رد الأمانة (بعد توكيدها) بعد توثيقها بذكر الله تعالى. (كفيلا) أي شهيدا شاهدا بتلك البيعة فإن الكفيل مراع لحال المكفول به رقيب عليه، وقد اطلعت أيها المسلم على حديث رجل من بني إسرائيل ورأيت حفظ الله لما له الذي رماه في البحر في خشبة. =