للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إن كل بناء وبال على صاحبه إلا مالا إلا مالا] فسكت وحَمَلهَا في نفسه حتى إذا جاء صاحبُها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسَلَّمَ عليه في الناس، فأعرَضَ عنه صَنَعَ (١) ذلك مراراً حتى عَرَفَ الرجل الغضب فيه، والإعراض (٢) عنه فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إني لأنكرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: خَرجَ، فرأى قُبَّتَكَ، فرجعَ إلى قُبَّتِهِ، فَهَدَمَها (٣) حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ فلم يرها. قال: ما فعلتِ القُبةُ؟ قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه، فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كلَّ بناءٍ وبالٌ (٤)

على صاحبه إلا مالا إلا مالا" رواه أبو داود واللفظ له، وابن ماجة أختصر منه، ولفظه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبةٍ على باب رجلٍ من الأنصار (٥)، فقال: ما هذه؟ قالوا: قبة بناها فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ ما كان هكذا فهو وبالٌ على صاحبه يوم القيامة فبلغ الأنصاري ذلك فوضعها (٦)، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بَعْدُ فلم يرها فسأل عنها فأخبر أنه وضعها لما بلغه، فقال: يَرْحَمُهُ الله. يرحمه الله (٧).

ورواه الطبراني بإسناد جيد مختصراً أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مرَّ بِبَنِيَّةٍ (٨) قُبة لرجلٍ من الأنصار، فقال: ما هذه؟ قالوا: قُبةٌ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كُلُّ بناءٍ: وأشار بيده على رأسه، أكثر مِنْ هذا فهو وبالٌ على صاحبه يوم القيامة". قوله إلا مالا: أي إلا ما لابد للإنسان منه مما يستره من الحر والبرد والسباع ونحو ذلك.


(١) فعل ذلك بكثرة صنع كذا. (ط وع ص ٦٠٩)، وفي (ن د): فصنع.
(٢) الامتعاض منه وعدم الإقرار على عمله.
(٣) فأزالها حتى جعلها مساوية موازية لحجم الأرض بلا ارتفاع.
(٤) ضرر وفيه حساب شديد ودمار وهلاك، وإزالته حسنات لأن الله تعالى يسأل عن كل صغيرة وكبيرة ولا يفعل الإنسان إلا ما فيه الحاجة الشديدة للوقاية فقط (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) يقال: وبلت السماء وبلاً: اشتد مطرها، والوبيل: الوخيم، من وبل المرتع وبالاً ووبالة بمعنى وخم سواء كان المرعى رطباً أو يابساً، ولما كان عاقبة المرعى الوخيم إلى شر قيل في سوء العاقبة وبال، والعمل السيء وبال على صاحبه.
(٥) سكان المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأجل السلام.
(٦) فأزالها.
(٧) دعا صلى الله عليه وسلم له بالرحمة لأنه عمل بسنته صلى الله عليه وسلم في البنيان لقدر الحاجة فقط.
(٨) بمنشأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>