للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه .. إلخ

١٩ - وعن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الرحمن بن سمرة: لا تسأل الإمارة (١)، فإنك إن أُعطيتها من غيرِ مسألةٍ أُعِنْتَ عليها، وإن أُعطِيتَهَا عن مسألةٍ وُكِلْتَ إليها (٢) " الحديث. رواه البخاري ومسلم.

٢٠ - وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتغى (٣) القضاء، وسأل فيه شُفعاء، وَكِلَ إلى نفسه، ومن أُكْرِهَ عليه أنزل الله عليه مَلَكاً يُسَدِّدُهُ (٤) " رواه أبو داود والترمذي، واللفظ له، وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجة


(١) لا تطلب رياسة عمل.
(٢) صرفت إليها، من وكل إلى نفسه هلك، ومنه الدعاء "ولا تكلني إلى نفسي". وفي العيني: ويستفاد منه أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه وأن من حرص على ذلك لا يعان. أ. هـ ٢٢٦ جـ ٢٤، (وكل) أي لم يعن على ما أعطى.
وقال في الفتح: ومعنى الحديث أن من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه ويستفاد منه أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه فيدخل في الإمارة القضاء والحسبة، ونحو ذلك وأن من حرص على ذلك لا يعان ويعارضه في الظاهر ما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة رفعه "من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة، ومن غلب جوره عدله فله النار" والجمع بينهما أنه لا يلزم من كونه لا يعان بسبب طلبه أنه لا يحصل منه العدل إذا ولي أو يحمل الطلب هنا على القصد وهناك على التولية وقد تقدم من حديث أبي موسى: "إنا لا نولي من حرص" ولذلك عبر في مقابله بالإعانة فإن من لم يكن له من الله عون على عمله لا يكون فيه كفاية لذلك العمل فلا ينبغي أن يجاب سؤاله، ومن المعلوم أن كل ولاية لا تخلو من المشقة فمن لم يكن له من الله إعانة تورط فيما دخل فيه وخسر دنياه وعقباه، فمن كان ذا عقل لم يتعرض للطلب أصلاً بل إذا كان كافياً وأعطيها من غير مسألة فقد وعده الصادق بالإعانة ولا يخفى ما في ذلك من الفضل. انتهى ص ١٠٢ جـ ١٣
(٣) طلب واستعان بالشفعاء.
(٤) يساعده بإذن الله تعالى ليلهمه ربه الرشاد.
قال المهلب: وفي معنى الإكراه عليه أن يدعى إليه فلا يرى نفسه أهلاً لذلك هيبة له وخوفاً من الوقوع في المحذور فإنه يعان عليه إذا دخل فيه ويسدد، والأصل فيه أن من تواضع لله رفعه الله.
وقال ابن التين: وهو محمول على الغالب، وإلا فقد قال يوسف "اجعلني على خزائن الأرض" وقال سليمان "وهب لي ملكاً" قال ويحتمل أن يكون في غير الأنبياء.
وقال النووي: هذا أصل عظيم في اجتناب الولاية ولاسيما لمن كان فيه ضعف وهو في حق من دخل فيها بغير أهلية ولم يعدل فإنه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالخزي يوم القيامة، وأما من كان أهلاً وعدل فيها فأجره عظيم كما تظاهرت به الأخبار ولكن في الدخول فيها خطر عظيم ولذلك امتنع الأكابر منها. والله أعلم. أ. هـ ص ١٠٢
الثمرات المرجوة من هذه الأحاديث كما قال صلى الله عليه وسلم:
أولاً: شدة المسئولية على من رأس المسلمين وتولى مصالح طائفة "كلكم راعٍ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>