للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومشيه إلى المسجد نافلةً (١). رواه مسلم، والنسائي مختصراً، ولفظه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرئٍ يتوضأُ فيحسن وُضُوءَهُ إلا غُفِرَ له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يُصليها. وإسناده على شرط الشيخين، ورواه ابن خزيمة في صحيحه مختصراً بنحو رواية النسائي، ورواه ابن ماجه أيضاً باختصار، وزاد في آخره: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغترُّ أحدٌ. وفي لفظ النسائي قال: من أتمَّ الوضوء كما أمره الله فالصلوات الخمس وكفَّارات لما بينهن.

الترغيب في إسباغ الوضوء

٩ - وعنه رضي الله عنه أنه توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: من توضأ مثل وُضُوئى هذا، ثم أتى المسجد فركع ثم جلس، غفر له ما تقدم من ذنبه (٢)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاتغتروا (٣). رواه البخاري وغيره.

١٠ - وعنه رضى الله عنه أيضا أنه دعا بماءٍ فتوضأ، ثم ضحك فقال لأصحابه: ألا تسألونى ما أضحكنى؟ فقالوا: ما أضحكك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ كما توضأت ثم ضحك (٤) فقال: ألا تسألونى ما أضحكك؟ فقالوا:


(١) أي زيادة حسنات، بمعنى أن الوضوء يزيل الذنوب الصغائر. قال النووي: صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات، ورفعت به درجات، وإن صادف كبيرة أو كبائر، ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر، والله أعلم أهـ ص ١١٣.
(٢) قال النووي: المراد بالغفران غفران الصغائر دون الكبائر، وفيه استحباب صلاة ركعتين فأكثر عقب كل وضوء، وهو سنة مؤكدة - قال جماعة من أصحابنا: ويفعل هذه الصلوات في أوقات النهى وغيرها لأن لها سببا واستدلوا بحديث بلال رضي الله عنه أنه كان متى توضأ صلى، وقال: إنه أرجى عمل عمله، ولو صلى فريضة أو نافلة مقصودة حصلت له هذه الفضيلة كما تحصل تحية المسجد بذلك، والله أعلم أهـ ١٠٨.
(٣) أي لا تركنوا إلى هذا الغفران بلا عمل صالح تقدمونه. أنعم بك يا رسول الله ونعم المؤدب أنت، تحث المسلمين على إتمام الوضوء واستكمال الفروض والسنن رجاء أن يعفو من الصغائر، ثم تدعوهم إلى تشييد قصور الصالحات، وغرس المكارم الطيبات، وعدم الغرور، والزهو، والتقصير، والاكتفاء بثواب الوضوء: إن المؤمن من استكثر من الخير وعده قليلا في كتابه، ولن يرسخ الإيمان في القلب، وتثمر دوحته إلا إذا شعر الإنسان أنه في حاجة إلى تكميل، وسعى إلى تحميل نفسه، وتخلى عن الرذائل، وتحلى بالفضائل، ويطلب المزيد ما عاش، ويتقصى نقائصه فيتكمل، وينظر بمنظار المستفيد، ويتجنب العجب والافتخار بعمله. يقولون في الحكم: من اغتر بعمله هلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحدًا عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: ولا أنا إلا إن يتغمدنى الله بفضل ورحمة، فسددوا وقاربوا).
(٤) ضحك صلى الله عليه وسلم فرحاً بفضل الله وتكرمه بإزاحة الذنوب الصغيرة جزاء أفعال الوضوء، وزاد سروره مضاعفة حسناته.

<<  <  ج: ص:  >  >>