للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُسَبِّخي عنهُ" رواه أبو داود؛ ومعنى لا تسبخي عنه: أي لا تخففي عنه العقوبة وتنقصي أجرك في الآخرة بدعائك عليه.

[والتسبيخ]: التخفيف وهو بسين مهملة ثم باء موحدة وخاء معجمة.

١٧ - وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وقف العبادُ للحساب جاء قومٌ واضعي سيوفهم على رقابهم تقطرُ دماً، فازدحموا على باب الجنة، فقيل: من هؤلاء؟ قيل الشهداء كانوا أحياءً مرزوقين، ثم نادى مُنادٍ: لِيَقُمْ مَنْ أجْرُهُ على الله فليدخلِ الجنة، ثم نادى الثانية: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة. قال: ومن ذا الذي أجره على الله؟ قال العافون عن الناس، ثم نادى الثالثة؟ ليقم من أجره على الله، فليدخل الجنة، فقام كذا وكذا ألفاً، فدخلوها بغير حساب" رواه الطبراني بإسناد حسن.

١٨ - وعن أنسٍ أيضاً رضي الله عنه قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه (١)، فقال له عمرُ: ما أضحكك يا رسول الله؟ بأبي أنت وأمي قال: رجلان من أمتي جثيا (٢) بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يا رب خُذْ لي مظلمتي من أخي، فقال الله: كيف تصنعُ بأخيك ولم يَبْقَ من حسناتهِ شيء؟ قال: يا رب فليحملْ من أوزاري (٣)،

وفاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء، ثم قال: إن ذلك ليومٌ عظيمٌ يحتاج الناسُ أن يُحْمَلَ من أوزارهم، فقال: الله للطالب: ارفع بصرك فانظرْ فرفع، فقال: يا رب أرى مدائن من ذهبٍ، وقصوراً من ذهبٍ مُكللةً (٤) باللؤلؤ، أي نبيٍ هذا؟ أو لأي صدِّيقٍ هذا؟ أو لأي شهيدٍ هذا؟ قال: لمن أعطى الثمن. قال: يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكهُ. قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك: قال: يا رب إني قد عفوتُ عنه. قال الله: فخذ بيد أخيك


(١) أسنانه الأمامية، وفي الفم أربع والمفرد ثنية.
(٢) جلسا على ركبهم، من جثا على ركبته جثياً.
(٣) ذنوبي.
(٤) مديحة مزينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>