للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن صلة الرحم محبة في الأهل

٢ - وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحبَّ أن يُبْسَطَ (١) له في رزقهِ وَيُنَسَّأ لهُ (٢) في أثَرِهِ (٣)،

فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" رواه البخاري ومسلم.


= أما الأولان فمن الفعلية وأولهما يرجع عن التخلي عن الرذيلة والثاني يرجع إلى التحلي بالفضيلة. والحاصل أن من كان كامل الإيمان فهو متصف بالشفقة على خلق الله تعالى قولاً بالخير وسكوتاً عن الشر أو فعلاً لما ينفع أو تركاً لما يضر. أهـ. ص ٣٠٤ جـ ٣ قال الشاعر:
الصمت زين والسكوت سلامة ... فإذا نطقت فلا تكن مكثاراً
ما إن ندمت على سكوتي مرة ... ولقد ندمت على الكلام مراراً
(١) يزاد ويوسعه الله له.
(٢) ويؤخر.
(٣) في أجله. قال في الفتح: وسمي الأجل أثراً، لأنه يتبع العمر. قال زهير:
والمرء ما عاش ممدود له أملي ... لا ينقضي العمر حتى ينتهي الأثر
قال ابن التين: ظاهر الحديث يعارض قوله تعالى: "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" (٣٤ من سورة الأعراف). والجمع بينهما من وجهين: أحدهما أن هذه الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة وصيانته عن تضييعه في غير ذلك، ومثل هذا ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم تقاصر أعمار أمته بالنسبة لأعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر، وحاصله أن صلة الرحم تكون سبباً للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل فكأنه لم يمت، ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده والصدقة الجارية عليه والخلف الصالح. ثانيهما: أن الزيادة على حقيقتها، وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، وأما الأول الذي دلت عليه الآية فبالنسبة إلى علم الله تعالى كأن يقال للملك مثلاً إن عمر فلان مثلاً مائة إن وصل رحمه وستون أن قطعها. وقد سبق في علم الله تعالى أنه يصل أو يقطع فالذي في علم الله تعالى "يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" (٣٩ من سورة الرعد). فالمحو والإثبات بالنسبة إلى ما في علم الملك، وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة، ويقال له القضاء المبرم، ويقال للأول القضاء المعلق، والوجه الأول أليق بلفظ حديث الباب "وينسأ له في أثره" فإن الأثر ما يتبع الشيء، فإذا أخر حسن أن يحمل على الذكر الحسن بعد فقد المذكور. وقال الطيبي: الوجه الأول أظهر، وإليه يشير كلام صاحب الفائق قال: ويجوز أن يكون المعنى الله يبقى أثر واصل الرحم في الدنيا طويلاً فلا يضمحل سريعاً كما يضمحل أثر قاطع الرحم، ولما أنشد أبو تمام قوله في بعض المراثي:
توفيت الآمال بعد محمد ... وأصبح في شغل عن السفر السفر
قال له أبو دلف: لم يمت من قيل فيه هذا الشعر، ومن هذه المادة قول الخليل عليه السلام "واجعل لي لسان صدق في الآخرين".
وقد تردد في تفسيره وجه ثالث: فأخرج الطبراني في الصغير بسند ضعيف عن أبي الدرداء، قال ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم "من وصل رحمه أنسيء له في أجله" فقال إنه ليس زيادة في عمره، قال الله تعالى: "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة .. الآية" ولكن الرجل تكون له الذرية الصالحة يدعون له من بعده. =

<<  <  ج: ص:  >  >>