للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزتهُ يومٌ وليلةٌ، والضيافةُ ثلاثةُ أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقةٌ (١)، ولا يحلُّ لهُ أن يَثْوِيَ عنده حتى يُحْرِجَهُ" رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. قال الترمذي: ومعنى لا يثوي: لا يقيم حتى يشتد على صاحب المنزل، والحرج: الضيق. انتهى.

[وقال الخطابي]: معناه لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد ثلاثة أيام من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره، فيبطل أجره. انتهى.

[قال الحافظ]: وللعلماء في هذا الحديث تأويلان: أحدهما أنه يعطيه ما يجوز به ويكفيه في يوم وليلة إذا اجتاز به، وثلاثة أيام إذا قصده، والثاني يعطيه ما يكفيه يوماً وليلة يستقبلهما بعد ضيافته.

٥ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "للضيفِ على من نزل به من الحق ثلاثٌ، فما زاد فهو صدقةٌ، وعلى الضيف أن يرتحل (٢) لا يُؤثِّمُ (٣) أهْلَ المنزل" رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورواته ثقات سوى ليث بن أبي سليم.


(١) قال ابن بطال: سئل عنه مالك فقال يكرمه ويتحفه يوماً وليلة وثلاثة أيام ضيافة. وقال أبو عبيد: يتكلف له في اليوم الأول بالبر والإلطاف، وفي الثاني والثالث يقدم له ما حضره ولا يزيده على عادته، ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة، وتسمى الجيزة، وهي قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل، ومنه الحديث الآخر "أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم" وقال الخطابي: معناه إذا نزل به الضيف أن يتحفه ويزيده في البر على ما بحضرته يوماً وليلة، وفي اليومين الأخيرين يقدم له ما يحضره، فإذا مضى الثلاث فقد قضى حقه فما زاد عليه مما يقدمه له يكون صدقة. أهـ فتح ص ٤٠٦ جـ ١٠
واستدل بجعل ما زاد على الثلاث صدقة على أن الذي قبلها واجب، واستدل ابن بطال لعدم الوجوب بقوله جائزته قال الجائزة تفضل وإحسان ليست واجبة، وقيل جائزته: أي يعطيه ما يغنيه عن غيره، قال صلى الله عليه وسلم للعباس "ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أجيزك" والله أعلم.
(٢) يذهب إلى جهة ثانية.
(٣) لا يحمل أهل المنزل ذنوباً فربما قصروا في واجبه أو اغتابوه أو أظهروا له النفور من أعماله أو كلفهم فوق طاقتهم فغضبوا، وهكذا من الخواطر النفسانية التي يحركها الشيطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>