للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجِعُ في هِبَتِهِ (١) كالكلب يَرْجِعُ في قَيْئِهِ (٢) ".

٢ - وفي رواية: "مثل الذي يَعُودُ (٣) في هِبَتِهِ كَمَثَلِ الكلب يَقيء، ثم يعود في قَيْئِهِ فيأكلهُ" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.


= فيا أصحاب الأموال الوفيرة ساهموا في إنشاء معاهد العلم والمصانع والمشروعات النافعة عسى أن يشملكم إحسان الله ورضاه ومحبة أبناء الوطن، قال أبو محمد إسحاق الموصلي المتوفى سنة ٢٣٥ هـ في ذم البخل:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصري ... فليس إلى ما تأمرين سبيل
أرى الناس خلان الجواد ولا أرى ... بخيلاً له في العالمين خليل
وإني رأيت البخل يزري بأهله ... فأكرمت نفسي أن يقال بخيل
ومن خير حالات الفتى لو علمته ... إذا نال شيئاً أن يكون ينبل
عطاني عطاء المكثرين تجملاً ... ومالي كما قد تعلمين قليل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأى أمير المؤمنين جميل
(١) الهبة تمليك بلا عوض في الحياة، وهي الأقارب أفضل، ويستحب لمن وهب لأولاده أن يسوي بينهم، فإن ملك المتهب لاحتياج أو لثواب آخرة فصدقة، وإن نقل الموهوب إلى المتهب بنفسه أو بغيره إعظاماً له وإكراماً لا لغرض آخر فهدية، والمراد بالهبة التملك، لكن بإيجاب وقبول، لا لإكراه ولا لأجل ثواب أو احتاج، وأركانها:
(أ) العاقدان.
(ب) الصيغة كوهبتك كذا وقبلت.
(جـ) الموهوب، وهو كل ما جاز بيعه، ولا يحصل الملك في الهبة إلا بالقبض بإذن الواهب، وإذا قبضها الموهوب له لم يصح للواهب أن يرجع فيها إلا أن يكون والداً وإن علا أي من جهة الآباء والأمهات. أهـ تنوير القلوب ص ٢٧٤
(٢) ترديد الطعام وإخراج ما في بطنه، وفي باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته ص ١٤٨ جـ ٥ "ليس لنا مثل السوء" قال في الفتح لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتصف بصفة ذميمة يشابهنا فيها أحسن الحيوانات في أخس أحوالها، قال الله سبحانه وتعالى: "للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء، ولله المثل الأعلى" من سورة النحل. ولعل هذا أبلغ في الزجر عن ذلك وأدل على التحريم مما لو قال مثلاً: لا تعودوا في الهبة، وإلى القول بتحريم الرجوع في الهبة بعد أن نقبض ذهب جمهور العلماء إلا هبة لولده جمعاً بين هذا الحديث وحديث النعمان "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". وقال الطحاوي قوله: لا يحل لا يستلزم التحريم، وهو كقوله: لا تحل الصدقة لغني، وإنما معناه لا تحل له من حيث تحل لغيره من ذوي الحاجة، وأراد بذلك التغليظ في الكراهة، وقال وقوله كالعائد في قيئه، وإن اقتضى التحريم لكون القيء حراماً، لكن في الرواية الأخرى، وهي قوله: كالكلب تدل على عدم التحريم، لأن الكلب غير متعبد فالقيء ليس حراماً عليه، والمراد التبرئة عن فعل يشبه فعل الكلب، وتعقب باستبعاد ما تأوله ومنافرة سياق الأحاديث له، وبأن عرف الشرع في مثل هذه الأشياء يريد به المبالغة في الزجر كقوله: من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير. أهـ.
(٣) أي العائد في هبته إلى الموهوب، وهو كقوله تعالى: "أو لتعودن في ملتنا" من سورة الأعراف. أهـ فتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>