للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمسي مؤمناً، ويصبحُ كافراً، القاعد (١) فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: كونوا أحْلاسَ بُيُوتكم" رواه أبو داود، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة في الصحاح وغيرها.

[الحلس]: هو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، يعني الزموا بيوتكم في الفتن كلزوم الحلس لظهر الدابة.

إن السعيد لمن جنب الفتن

١٣ - وعن المقداد بن الأسود قال: "أيْمُ الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن السعيد لمن جُنِّبَ الفتن، إن السعيدَ لمن جُنِّبَ الفتنَ، إن السعيد لمن جُنِّبَ الفتن، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فصبر فَوَاهاً" رواه أبو داود.

[واهاً]: كلمة معناها التلهف، وقد توضع للإعجاب بالشيء.

١٤ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة، فقال: إذا رأيتم الناس قد مَرَجَتْ عُهُودُهُم، وَخَفَّتْ أماناتُهُمْ وكانوا هكذا، وَشَبَّكَ بين أصابعهِ. قال: فقمتُ إليه فقلتُ: كيف أفعلُ عند ذلك جعلني الله تبارك وتعالى فداك؟ قال: الزم بيتكَ، وَابْكِ على نفسكَ وَدَعْ عنك أمْرَ العامة" رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن.

[مرجت]: أي فسدت، والظاهر أن معنى قوله: خفت أماناتهم، أي قلّت، من قولهم: خَفَّ القوم: أي قلّوا، والله أعلم.

١٥ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن عمر خرج إلى المسجد، فوجد مُعاذاً عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: حديثٌ سمعتهُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اليسيرُ من الرِّيَاء شِرْكٌ (٢)، ومن


(١) المعنى قليل العمل وقت إيقاد نار الفتن أفضل من الباعث على انتشارها.
(٢) الرياء: المراءاة والتشيع، والقليل من التظاهر بالعمل الصالح لغير الله شرك، فكأن من يفعل خيراً لقصد المدح أو الفخر أشرك بالله: أي جعل له شريكاً يستحق أن يعمل له، والله تعالى لا يقبل إلا من كان عمله خالصاً لله وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>