(١) أي لا يحصل منكم بغض ونفاق وشقاق وتنافر. (٢) قال العلماء: في هذا الحديث تحريم الهجر بين المسلمين أكثر من ثلاث ليال وإباحتها في الثلاث، الأول بنص الحديث، والثاني بمفهومه قالوا وإنما عفى عنها في الثلاث، لأن الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخلق، ونحو ذلك فعفى عن الهجرة في الثلاثة ليذهب ذلك العارض، وقيل إن الحديث لا يقتضي إباحة الهجرة في الثلاثة وهذا على مذهب من يقول لا يحتج بالمفهوم، ودليل الخطاب قوله صلى الله عليه وسلم (يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وفي رواية: فيصد هذا ويصد هذا) أي يعرض، أي يوليه عرضه، وهو جانبه (وخيرهما): أي أفضلهما، وفيه دليل لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجرة ويرفع الإثم فيها ويزيله، وقال أحمد وابن القاسم المالكي: إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجرته، قال أصحابنا: ولو كاتبه أو راسله عند غيبته عنه هل يزول إثم الهجرة؟ وفيه وجهان أحدهما لا يزول، لأنه لم يكلمه، وأصحهما يزول لزوال الوحشة والله أعلم (لا يحل لمسلم): قد يحتج به من يقول: الكفار غير مخاطبين بفروع الشرع، والأصح أنهم مخاطبون بها، وإنما قيد بالسملم، لأنه الذي يقبل خطاب الشرع وينتفع به. أهـ نووي ص ١١٨ جـ ١٦ وقال ابن حجر: في الفتح في باب الهجرة: الهجرة أي ترك الشخص مكاملة الآخر إذا تلاقيا، وهي في الأصل الترك فعلاً كان أو قولاً، وليس المراد بها مفارقة الوطن، وأراد أن عمومه مخصوص بمن هجر أخاه بغير موجب لذلك. وقال أبو العباس القرطبي: المعتبر ثلاث ليال حتى لو بدأ بالهجرة في أثناء النهار ألغى البغض وتعتبر ليلة ذلك اليوم وينقضي العفو بانقضاء الليلة الثالثة. فالمعتمد أن المرخص فيه ثلاثة أيام بلياليها فحيث أطلقت الليالي أريد بأيامها. أهـ فتح ص ٣٧٣ جـ ١٠.