للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تباغضوا (١)، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاهُ فوق ثلاثٍ (٢) " رواه مالك والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي، ورواه مسلم أخصر منه، والطبراني، وزاد فيه: "يلتقيان فَيُعْرِضُ هذا، ويُعْرِضُ هذا، وخَيْرُهُمُ الذي يبدأ بالسلام، والذي يبدأ بالسلام يسبقُ إلى الجنة". قال مالك: ولا أحسبُ التدابر إلا الإعراض عن المسلم يُدْبِرُ عنه بوجهه.

٢ - وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاهُ فوق ثلاثِ ليالٍ، يلتقيان، فَيُعْرِضُ هذا، وَيُعْرِضُ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي وأبو داود.

٣ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاهُ فوق ثلاثٍ، فمن هَجَرَ فوقَ ثلاثٍ فمات دخل النار" رواه أبو داود والنسائي بإسنادٍ على شرط البخاري ومسلم.

٤ - وفي رواية لأبي داود، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لمؤمنٍ أن يهجرَ


= وفي النهاية: أي لا يعطي كل واحد منكم أخاه دبره وقفاه فيعرض عنه ويهجره. أهـ.
(١) أي لا يحصل منكم بغض ونفاق وشقاق وتنافر.
(٢) قال العلماء: في هذا الحديث تحريم الهجر بين المسلمين أكثر من ثلاث ليال وإباحتها في الثلاث، الأول بنص الحديث، والثاني بمفهومه قالوا وإنما عفى عنها في الثلاث، لأن الآدمي مجبول على الغضب وسوء الخلق، ونحو ذلك فعفى عن الهجرة في الثلاثة ليذهب ذلك العارض، وقيل إن الحديث لا يقتضي إباحة الهجرة في الثلاثة وهذا على مذهب من يقول لا يحتج بالمفهوم، ودليل الخطاب قوله صلى الله عليه وسلم (يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وفي رواية: فيصد هذا ويصد هذا) أي يعرض، أي يوليه عرضه، وهو جانبه (وخيرهما): أي أفضلهما، وفيه دليل لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجرة ويرفع الإثم فيها ويزيله، وقال أحمد وابن القاسم المالكي: إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجرته، قال أصحابنا: ولو كاتبه أو راسله عند غيبته عنه هل يزول إثم الهجرة؟ وفيه وجهان أحدهما لا يزول، لأنه لم يكلمه، وأصحهما يزول لزوال الوحشة والله أعلم (لا يحل لمسلم): قد يحتج به من يقول: الكفار غير مخاطبين بفروع الشرع، والأصح أنهم مخاطبون بها، وإنما قيد بالسملم، لأنه الذي يقبل خطاب الشرع وينتفع به. أهـ نووي ص ١١٨ جـ ١٦
وقال ابن حجر: في الفتح في باب الهجرة: الهجرة أي ترك الشخص مكاملة الآخر إذا تلاقيا، وهي في الأصل الترك فعلاً كان أو قولاً، وليس المراد بها مفارقة الوطن، وأراد أن عمومه مخصوص بمن هجر أخاه بغير موجب لذلك. وقال أبو العباس القرطبي: المعتبر ثلاث ليال حتى لو بدأ بالهجرة في أثناء النهار ألغى البغض وتعتبر ليلة ذلك اليوم وينقضي العفو بانقضاء الليلة الثالثة. فالمعتمد أن المرخص فيه ثلاثة أيام بلياليها فحيث أطلقت الليالي أريد بأيامها. أهـ فتح ص ٣٧٣ جـ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>