للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه ليلةُ النصف من شعبان، ولله فيها عُتقاءُ من النار بعدد شُعُورِ غَنَمِ كَلْبٍ (١)

لا ينظرُ الله فيها إلى مشركٍ، ولا إلى مُشاحنٍ، ولا إلى قاطعِ رحمٍ، ولا إلى مُسبلٍ، ولا إلى عاقٍ لوالديه، ولا إلى مدمن خمرٍ. قال: ثم وضع عنه ثوبيه، فقال لي: يا عائشة تأذنين لي في قيام هذه الليلة؟ قلتُ بأبي وأمي، فقام فسجد ليلاً طويلاً حتى ظننتُ أنه قد قُبضَ (٢)، فقمتُ ألتمسُهُ ووضعتُ يدي على باطن قدميه، فتحرك ففرحتُ، وسمعتهُ يقول في سجوده: أعوذُ بعفوك (٣) من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، جَلَّ وجهك (٤) لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، فلما أصبح ذكرتهنَّ له، فقال: يا عائشةُ: تَعَلَّمِيهنَّ، فقلتُ: نعم، فقال: تعلميهن وعَلَّمِيهِنَّ، فإن جبريل عليه السلام عَلَّمَنِيهِنَّ، وأمرني أن أُرددهُنَّ في السجود (٥) " رواه البيهقي.

٢٠ - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَطَّلِعُ (٦) الله عز وجل إلى خلقهِ ليلة النصف من شعبان، فيغفرُ لعباده إلا اثنين: مُشاحنٍ، وقاتلِ نفسٍ" رواه أحمد بإسناد لين.


(١) كناية عن إبعاد نفوس كثيرة جداً من جهنم، وكانت قبيلة كلب في هذا الوقت مشهورة بكثرة ماشيتها ووفرتها، وقد خاب وخسر ستة في هذه الليلة وباءوا بسخط الله وغضبه:
(أ) من يجعل لله شريكاً، ولم يخلص له تعالى في عبادته وسؤاله.
(ب) موقد نار العداوة والبغضاء بين النفوس المتصافية.
(جـ) الجافي على أقاربه الذي لا يود أهله، ولا يصلهم بخيره وطيب كلامه.
(د) المتصف بالكبر والخيلاء.
(هـ) عاص والديه ومؤذيهما.
(و) السكير المتبع هواه صريع الكأس المبذر.
(٢) التحق بالرفيق الأعلى: أي مات، فهمت السيدة عائشة ذلك من طول سجوده، وفي ذلك طلب الخضوع في الصلاة وإطالة السجود خصوصاً في النفل والتهجد.
(٣) أطلب تجاوزك لتجيرني من عذابك، وأرجو بعطفك أن تبعد عني غضبك، وأتوسل بصفاتك الحسنى وأتقرب بعظمتك أن تجيرني من انتقامك.
(٤) عظمت ذاتك.
(٥) أكثر من ذكرهن في السجود.
(٦) ينظر نظر رحمة ويتجلى برضوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>