للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجحيم (١) يدعون بالويل (٢) والثبور يقول بعض أهل النار لبعضٍ: ما بالُ هؤلاء قد آذوْنا على ما بنا من الأذى. قال: فرجلٌ مُغْلَقٌ عليه تابوتٌ من جَمْرٍ (٣)، ورجلٌ يَجُرُّ أمعاءهُ (٤)، ورجلٌ يسيلُ فُوهُ قَيْحاً ودماً، ورجلٌ يأكلُ لحمهُ، فيقالُ لصاحبِ التابوتِ (٥):

ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقولُ: إن الأبعدَ قد ماتَ وفي عُنُقِهِ أموال الناس، ثم يقالُ للذي يَجُرُّ أمعاءه: ما بالُ الأبعدِ قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقولُ: إن الأبعدَ كان لا يُبالي أين أصاب البول منه (٦) ثم يقالُ للذي يسيلُ فُوهُ قيحاً ودماً: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان ينظر إلى كلمةٍ فيستلذها كما يُستلذُ الرَّفَثُ (٧)، ثم يقال للذي يأكلُ لحمهُ: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة، ويمشي بالنميمة" رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت، وفي ذم الغيبة والطبراني في الكبير بإسناد لين وأبو نعيم، وقال: [شفي بن مانع] مختلف في صحبته، فقيل له صحبة.

[قال الحافظ]: شُفَي ذكره البخاري وابن حبان في التابعين.

١٧ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل لحمَ أخيه (٨)

في الدنيا قُرِّبَ إليه يوم القيامة، فيقالُ له: كُلْهُ مَيِّتاً كما


(١) النار.
(٢) الهلاك والدمار.
(٣) مغلق عليه تابوت من جمر كذا (ع ص ٢٣٣ - ٢)، وفي (ن د): معلق بالعين، وفي (ن ط): جمرة أي نار متقدة.
(٤) حوايا معدته.
(٥) الصندوق.
(٦) معناه لا يتحرز من النجاسة ولا يحفظ ثيابه عند التبول ولا يتطهر ولا ينظف جسمه منها.
(٧) الفحش وقبح القول والجماع والخنا والسوء. يخبرنا صلى الله عليه وسلم عن أربعة يعذبون بأنواع العذاب وينادون بالدمار والهلاك لشدة آلامهم:
(أ) في صندوق متقدة ناره يصلى ناراً حامية ذات لهب، لأنه ضيع حقوق الناس في حياته وأكل أموالهم ظلماً وعدواناً.
(ب) تخرج أحشاؤه فضيحة وقذارة ويمر على الناس يستقذرون منه في الآخرة، لأنه كان لا يحترز من بوله في دنياه.
(جـ) يخرج من فيه السوائل القذرة من صديد وقيح ودم، لأن كلامه ردئ خشن بطال قبيح.
(د) يأكل لحم جسمه على مرأى من الناس، لأنه اغتاب الناس في دنياه ونهش أعراضهم وذمهم بما يكرهون.
(٨) كناية عن ذكره بسوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>