للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسول الله زدني، قال: عليك بطول الصمت (١)، فإنه مَطَردَةٌ للشيطان، وعونٌ لك على أمر دينك. قلت: زدني. قال: وإياك وكثرة الضحك، فإنه يميتُ القلب (٢)، ويذهبُ بنور الوجه. قلتُ: زدني، قال: قل الحق (٣)، وإن كان مُراً. قلت: زدني، قال: لا تخف في الله لومة لائمٍ (٤). قلتُ: زدني. قال: لِيَحْجُزْكَ (٥)

عن الناس ما تعلم من نفسك" رواه أحمد والطبراني وابن حبان في صحيحه والحاكم، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد، وقد أملينا قطعة من هذا الحديث أطول من هذه بلفظ ابن حبان في الترهيب من الظلم، وفيها حكاية عن صحف إبراهيم عليه السلام.

٢٨ - وعلى العاقلِ أن يكون بصيراً بزمانه (٦)، مُقبلاً على شانهِ (٧) حافظاً للسانه (٨)، ومن حَسِبَ كَلاَمَهُ (٩) من عمله قَلَّ كلامهُ إلا فيما يعنيه (١٠). الحديث.


(١) السكوت والرزانة والتؤدة والتروي في النطق.
(٢) يبعده عن الاتعاظ فلا يتأثر، ويجعله جامداً قاسياً لا يعمل صالحاً ولا يرتدع عن منكر ولا ينزجر عن قبيح.
(٣) الموافق للصواب والعدل.
(٤) عتب عاتب أو عقاب جبار خاسر.
(٥) ليمنعك عن غيبة الناس وأذاهم الذي تعلمه من تقصيرك وعدم تكميلك وأنك في حاجة إلى تكميل وطاعة وصحة. يشير صلى الله عليه وسلم إلى:
أ - ... خشية الله في جميع الأحوال.
ب - ... قراءة القرآن وذكر الله عز وجل.
جـ - ... اعتقال اللسان وحبسه إلا في القول الحميد.
د - ... تجنب الهزء والسخرية والازدراء.
هـ - ... قول الحق وحبه ونصره.
و- ... العمل لوجه الله وحده وعدم الخوف إلا منه جل وعلا.
ز - ... الإقبال على تجميل النفس بالاستزادة في الطاعات وعدم العيب والتحلي بمكارم الأخلاق وترك الغيبة والنميمة، وفي النهاية احتجز الرجل بالإزار: إذا شده على وسطه فاستعاره للاعتصام والالتجاء والتمسك بالشيء والتعلق به، ومنه حديث "والنبي آخذ بحجزة الله" أي بسبب منه. ليحجزك كذا (د وع ص ٢٤٢ - ٢)، وفي (ن ط): ليحجز.
(٦) أي يعد وقته قصيراً قليلاً، فلا يضيعه في لهو ولعب ومزاح، ويجد في عمله، ويكثر من الصالحات.
(٧) موجهاً همته لإصلاح حاله.
(٨) ضابطاً لسانه عن الشر.
(٩) عد أقواله محسوبة عليه.
(١٠) يهمه أمره ويفيد ويقدمه ويرقيه، فإن الثرثرة لا تجلب إلا مقتاً وضياعاً والله تعالى يكره الثرثارون المتفيهقون، ولعمر بن الوردي رحمه الله:
زيادة القول تحكي النقص في العمل ... ومنطق المرء قد يهديه للزلل
إن اللسان صغير جرمه وله ... حرم عظيم كما قد قيل في المثل

<<  <  ج: ص:  >  >>