للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: الشيخُ الزاني، والإمامُ الكذَّابُ، والعائلُ المزهو" رواه البزار بإسناد جيد.


= (ي) وقال تعالى: "إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر" (٥٤ - ٥٥ من سورة القمر). (مقعد صدق): مكان مرضي خاص بالمتقين المقربين عنده تعالى، وقد رأيت في الحديث (لا يجتمع إيمان وكذب في قلب).
(ك) وقال تعالى: "واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً ورفعناه مكاناً علياً" (٥٦ - ٥٧ من سورة مريم).
وقال الثوري في قوله تعالى: "ويوم القيامة ترى الذين كذبوا" هم الذين ادعوا محبة الله تعالى ولم يكونوا بها صادقين. وقال الجنيد في قوله تعالى: "ليسأل الصادقين عن صدقهم" قال يسأل الصادقين عند أنفسهم عن صدقهم عند ربهم، وهذا أمر على خطر، وأجمع الفقهاء والعلماء على ثلاث فيها النجاة: الإسلام الخالص عن البدعة والهوى والصدق لله تعالى في الأعمال، وطيب المطعم، وقال محمد بن سعيد المروزي: إذا طلبت الله بالصدق آتاك الله مرآة بيدك حتى تبصر كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة.
بيان حقيقة الصدق ومعناه ومراتبه كما قال الغزالي:
اعلم أن لفظ الصدق يستعمل في ستة معان: صدق في القول، وصدق في النية والإرادة وصدق في العزم، وصدق في الوفاء بالعزم، وصدق في العمل، وصدق في تحقيق مقامات الدين كلها، فمن اتصف بالصدق في جميع ذلك فهو صديق.
(١) صدق اللسان يكون في الأخبار، وفيه يدخل الوفاء بالوعد والخلف فيه، وقيل في المعاريض مندوحة عن الكذب ورخص في تأديب الصبيان والنساء، وفي الحذر عن الظلمة، وفي قتال الأعداء والاحتراز عن اطلاعهم على أسرار الملك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توجه إلى سفر ورى بغيره، وذلك كي لا ينتهي الخبر إلى الأعداء، قال صلى الله عليه وسلم (ليس الكذب من أصلح بين اثنين فقال خيراً أو أنمى خيراً) وكذا، ومن كان له زوجتان، ومن كان في مصالح الحرب.
(٢) في النية والإرادة ويرجع ذلك إلى الإخلاص.
(٣) صدق العزم على العمل لله تعالى.
(٤) في الوفاء بالعزم بتذليل العقبات.
(٥) في الأعمال حتى لا تدل أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتصف به.
(٦) الصدق في مقامات الدين كالخوف والرجاء والتعظيم والزهد والرضا والتوكل والحب:
أ - قال تعالى: "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون" (١٥ من سورة الحجرات).
ب - وقال تعالى: "ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون" (١٧٧ من سورة البقرة).
وسئل أبو ذر عن الإيمان فقرأ هذه الآية فقيل له سألناك عن الإيمان، فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>