فأهوى إليها بالرمح، فانتظمها به، ثم خرج، فَرَكَزَهُ في الدار، فاضطربتْ عليه، فما يُدْرَى أيهما كان أسرعُ موتاً: الحيةُ أم الفتى؟ قال: فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرنا ذلك له، وقلنا: ادعُ الله أن يُحْييهُ لنا، فقال: استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن بالمدينة جِناًّ قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئاً، فآذنوهُ ثلاثةَ أيامٍ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوهُ، فإنما هو شيطانٌ".
١٦ - وفي رواية نحوه، وقال فيه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لهذه البيوت عوامرَ، فإذا رأيتم منها شيئاً، فَحَرِّجُوا عليها ثلاثاً، فإن ذهبَ، وإلا فاقتلوهُ فإنه كافرٌ، وقال لهم: اذهبوا فادفنوا صاحبكم" رواه مالك ومسلم وأبو داود.
١٧ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول: "اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبترَ، فإنهما يطمسانِ البصر، ويُسقطانِ الحبلَ. قال عبد الله: فبينا أنا أُطاردُ حيةً أقتلها ناداني أبو لبابة: لا تقتلها، قلتُ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَ بقتل الحياتِ، قال إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوتِ، وهُنَّ العوامرُ" رواه البخاري ومسلم، ورواه مالك وأبو داود والترمذي بألفاظ متقاربة.
١٨ - وفي رواية لمسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأمر بقتل الكلاب يقول: اقتلوا الحيات والكلابَ، واقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبتر، فإنهما يلتمسان البصر، ويستسقطان الحبالى".
[قال الزهري]: ونرى ذلك من سيمتهما، والله أعلم.
قال سالم قال عبد الله بن عمر: فلبثتُ لا أتركُ حيةً أراها إلا قتلتها فبينما أنا أطارد حيةً يوماً من ذوات البيوتِ مَرَّ بي زيدُ بن الخطاب وأبو لبابة، وأنا أطاردها، فقالا: مهلاً يا عبد الله، فقلتُ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلهنَّ، قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذواتِ البيوتِ.