للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم هذا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هذَا. رواه البخاري ومسلم وابن ماجة.

٣٧ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَا أَبَا ذَرٍّ: أَتَرَى كَثْرَةَ الْمَالِ هُوَ الْغَنَى؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: فَتَرَى قِلَّةَ الْمَالِ هُوَ الْفَقْرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى الْقَلْبِ، والْفَقْرُ فَقْرُ الْقَلْبِ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قالَ: هَلْ تَعْرِفُ فُلاَناً؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تُرَاهُ. قُلْتُ: إِذَا سَأَلَ أُعْطِي (١)، وَإِذَا حَضَرَ أُدْخِل (٢). قالَ: ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ (٣)، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُ فُلاناً؟ قُلْتُ: لاَ وَاللهِ مَا أَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا زَالَ يُجَلِّيهِ (٤) وَيُنْعِتُهُ حَتَّى عَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تُرَاهُ؟ قُلْتُ: هُوَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ. فَقَالَ: هُوَ خَيْرٌ (٥) مِنْ طِلاعِ الأَرْضِ (٦) مِنَ الآخَرِ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا يُعْطَى مِنْ بَعْضِ مَا يُعْطَى الآخَرُ؟ فَقَالَ: إِذَا أُعْطِيَ خَيْراً فَهُوَ أَهْلُهُ (٧)، وَإِذَا صُرِفَ عَنْهُ فَقَدْ أُعْطِيَ حَسَنَةً. رواه النسائي مختصراً وابن حبان في صحيحه واللفظ له.


= فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه أفضل من ذلك المتكبر المتجبر الطاغية من ملايين ملايين تملأ الدنيا مثل ذلك الحقير لكفره، أو لعصيانه ربه وظلمه. صلى الله عليك يا رسول الله تضرب مثلاً أعلى للعزة والرفعة باتباع الدين والعمل بكتاب رب العالمين ليسمو الإنسان عند ربه، ويحظى بالدرجات العالية، وتضرب صفحاً عن حطام الدنيا وزخارفها الموجودة عند الفسقة العصاة المجرمين كما قال الله تعالى:
أ -[ولله العزة ولرسوله والمؤمنين].
ب -[إن العزة لله جميعاً]. وهكذا النفوس العامرة بالإيمان عالية سامية تشعر بعزة الله ونصره وقوته، ولا تخشى بأس سواه.
(١) أي إذا طلب من الناس شيئاً أسرعوا في إعطائه.
(٢) إذا وجد في محفل بجلوه واحترموه ودخل موقراً معززاً.
(٣) هم فقراء المهاجرين، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه أهـ نهاية.
(٤) يذكر محامده وبدائع خلاله.
(٥) فقال هو خير، كذا د وع، وفي ن ط قال فهو خير.
(٦) مما طلعت عليه الشمس: أي كل ما يظهر على سطح الأرض. لماذا؟ لأنه فقير مخلص لربه مطيع.
(٧) أخذه باستحقاق، وإذ حرم نال ثواب صبره ورضاه بما قسم له.

<<  <  ج: ص:  >  >>