للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ مِنْ الرَّحْمَةِ (١) مَا قَنَطَ (٢) مِنْ رَحْمَتِهِ. رواه مسلم.

من برّ والديه حياً وميتاً كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة

١٤ - وَعَنْ أَبي كاهِلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: يَا أَبَا كاهِلٍ أَلاَ أُخْبِرُكَ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ اللهُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: أَحْيَا اللهُ قَلْبَكَ، وَلاَ يُمِتْهُ يَوْمَ يَمُوتُ بَدَنُكَ. اعْلَمْ يَا أَبَا كاهِلٍ أَنَّهُ لَمْ يَغْضَبْ رَبُّ الْعِزَّةِ عَلَى مَنْ كانَ فِي قَلْبِهِ مَخَافَةٌ (٣)، وَلاَ تَأْكُلُ النَّارُ مِنْهُ هُدْبَةً (٤) اعْلَمْ يَا أَبَا كاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ حَيَاءً مِنَ اللهِ (٥) سِرّاً وَعَلانِيَةً كانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ (٦) يَوْمَ الْقِيَامَةِ. اعْلَمْ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنّهُ مَنْ دَخَلَ حَلاَوَةَ الصَّلاَةِ (٧) قَلْبَهُ حَتَّى يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا كانَ حَقّاً على اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. اعْلَمْ (٨)

يَا أَبَا كاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى أَرْبَعِينَ يَوْمَاً وَأَرْبَعِيَنَ لَيْلَةً في جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كانَ حَقّاً علَى اللهِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ (٩). اعْلَمَنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ صَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مَعَ شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْوِيَهُ (١٠) يَوْمَ الْعَطَشِ. اعْلَمَنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ كَفَّ (١١) أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ. اعْلَمَنَّ يَا أَبَا كَاهِلٍ أَنَّهُ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ حَيّاً وَمَيِّتاً كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قُلْتُ: كَيْفَ يَبَرُّ وَالِدَيْهِ إِذَا كَانَا مَيِّتَيْنِ؟ قالَ: بِرُّهُمَا أَنْ يَسْتَغْفِرَ (١٢)


(١) فضله ورأفته.
(٢) ما يئس. وفي ن ط: ما قنط من رحمته أحد.
(٣) خوف وخشية.
(٤) قطعة من جسمه. وفيه "ما من مؤمن يمرض إلا حط الله هدبة من خطاياه" أي قطعة منها، وطائفة: أي لا تمس منه جزءاً مثل هدب العين: أي الذي نبت من الشعر على أشفارها، والجمع أهداب، مثل قفل وأقفال ورجل أهدب: طويل الأهداب، وهدبة الثوب طرته.
(٥) في د: حياء من الله عز وجل: أي في حالة الإخفار والإجهار: أي يراقبه ويخشاه في كل حالة له خفية وجهرة.
(٦) لا يفضحه على رؤوس الأشهاد، ويقرره بذنوبه بينه تعالى وبينه، فلا يطلع أحداً من أهل المحشر. ثم يكرمه بالعفو.
(٧) استلذ بصلاته وسرت في جسمه وذاق طعمها وشعر بالخشوع والرهبة والرغبة والخشية.
(٨) اعلم كذا د وع ص ٣٧٤ - ٢. وفي ن ط: اعلمن ..
(٩) إجازة وعتقاً.
(١٠) يزيل ظمأه ويسقيه يوم شدة العطش من الأهوال والعذاب.
(١١) منع.
(١٢) يكثر من طلب المغفرة لهما والدعاء لهما بالرحمة، ولا يشتم أحداً خشية أن يشتم أبويه كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أكبر الكبائر أن يعلن الرجل والديه" وفسرها صلى الله عليه وسلم " يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه أو يسب أمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>