للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: وَالَّذِي لاَ إِلهَ غَيْرُهُ لاَ يُحْسِنُ عَبْدٌ باللهِ الظَّنَّ إِلاَّ أَعْطَاهُ ظَنّهُ، وَذَلِكَ بِأَنَّ الْخَيْرَ في يَدِهِ رواه الطبراني موقوفاً، ورواته رواة الصحيح إلا أن الأعمش لم يدرك ابن مسعود.

٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ إِلى النَّارِ، فَلَمَا وَقَفَ على شَفَتِهَا (١) الْتَفَتَ فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ يَا رَبِّ إِنْ كَانَ (٢)

ظَنِّي بِكَ لَحَسَنٌ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: رُدُّوهُ أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِ بِي. رواه البيهقي عن رجل من ولد عبادة بن الصامت لم يسمه عن أبي هريرة.


(١) طرفها.
(٢) إن ظني بك لحسن كان والله يا رب.
يقسم بذاته وبجلاله إنه في حياته كان حسن الظن به ولذا نودي "أبعدوه عن النار فلقد صدق" وهو سبحانه المطلع على الضمائر. وإن مخففة من الثقيلة أي أنه وكان زائدة.
ولقد أخذت درساً عملياً من والدي رحمه الله فقد كان حسن الظن بربه دائماً، ومع هذا أراه زاهداً في حياته لا يتعامل، ولا يحمل نقوداً، ويكثر من قراءة القرآن ليل نهار، وينصحني أن أتقي الله وأرجو رحمته، وأخشى عذابه.
قال تعالى: [ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين (٩٣)] من سورة المائدة.
(جناح) أي إثم في كل ما لم يحرم عليهم (اتقوا) المحرم وثبتوا على الإيمان والأعمال الصالحة (ثم اتقوا) ما حرم عليهم بعد كالخمر (ثم اتقوا) وثبتوا على اتقاء المعاصي وأحسنوا وتحروا الأعمال الصالحة روي أنه لما نزل تحريم الخمر قالت الصحابة يا رسول الله فكيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر؟ فنزلت، ويحتمل أن يكون التكرير باعتبار الأوقات الثلاثة أو باعتبار الحالات الثلاث: استعمال الإنسان التقوى، والإيمان بينه وبين نفسه، وبينه وبين الناس، وبينه وبين الله تعالى، ولذلك بدل الإيمان بالإحسان في الكرة الثالثة إشارة إلى ما قاله عليه الصلاة والسلام في تفسيره "أن تعبد الله كأنك تراه" أو باعتبار المراتب الثلاث المبدأ والوسط والمنتهى، أو باعتبار ما يتقي فإنه ينبغي أن يترك المحرمات توقياً من العقاب والشبهات تحرزاً من الوقوع في الحرام، وبعض المباحات، تحفظاً للنفس عن الخسة وتهذيباً لها عن أنس الطبيعة (المحسنين) لا يؤاخذهم بشيء وفيه من فعل ذلك صار محسناً، ومن صار محسناً صار لله محبوباً أهـ بيضاوي.
إن شاهدنا تكرار التقوى لطلب الخوف من الله تعالى:
أ - اتقوا الشرك.
ب - اتقوا المعاصي.
جـ - اتقوا الشبهات، وبعد الابتعاد عن الثلاثة يحصل الرجاء.
آيات الترهيب من سوء الظن بالله تعالى واليأس من رحمته
أ - قال تعالى: [قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم (٥٢)] من سورة الزمر.
ب - وقال تعالى: [ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون (١٥٦)] من سورة الأعراف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>