للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيَّاً (١)

رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان في صحيحه.


(١) المعنى أن الله تعالى يعاقب من اعتدى على الميت بكسر شيء من عظامه، كما كان يعاقب بكسر شيء منه أثناء حياته قال تعالى: [ولقد كرمنا بني آدم] الآيات وتقدم ذكرها.
تنوير القلوب يبين خلاصة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الجنائز
اعلم أن الموت من أعظم المصائب والغفلة عنه أعظم منه. فيجب لكل مكلف أن يستعد للموت، ويكثر من ذكره، وتجب عليه التوبة من الذنوب، ورد المظالم إلى أهلها والخروج منها ويتأكد طلب ذلك من المريض ويرد ما عنده من الأمانات، ويشهد بما عليه من الديون والحقوق ويستحل خصماءه ومن بينه وبينه معاملة، ويوصي ولا يتضجر من المرض، ولا يترك شيئاً من فروض الصلاة، ولو بإجراء الأركان على قلبه لأنها لا تسقط ما دام العقل باقياً ليلقى ربه على أحسن حالة. ويسن عيادة المريض المسلم، ولو في أول يوم من مرضه، ولو عدوّاً ومن لا يعرفه، وكذا الكافر والذمي والمعاهد والمستأمن إن كان جاراً أو قريباً أو نحوهما أو رجى إسلامه، فإن انتفى ذلك جازت عيادته بلا كراهة، وتكره عيادة ذي بدعة منكرة وأهل الفجور والمكس إذا لم تكن قرابة ولا نحو جوار ولا رجاء توبة لأنا مأمورون بهجرهم. ويندب أن تكون العيادة غباً: أي يوماً بعد يوم. نعم نحو القريب والصديق ممن يستأنس به المريض أو يتبرك به يسن له المواصلة ويسن للعائد أن يخفف المكث عند المريض ويدعو له بالعافية إن طمع في حياته، وأن يكون الدعاء بالوارد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات عافاه الله من ذلك المرض" ويطيب نفسه بمرضه بأن يذكر له من الآثار والأخبار ما تطمئن به نفسه، وإن لم يطمع في حياته فليرغبه في توبة ووصية ويذكر له أحوال الصالحين في ذلك، ويطلب الدعاء منه قال صلى الله عليه وسلم "وإذا دخلت على مريض فمره فليدع لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة" ويسن للمريض أن يوصي أهله بالصبر عليه وترك النوح وتحسين خلقه واجتناب المنازعة في أمور الدنيا واسترضاء من له به علاقة ويحسن المريض ظنه بالله تعالى بأن يظن به أن يرحمه ويعفو عنه ويكره له الشكوى ويكره تمني الموت لضر نزل به، أما تمنيه عند خشية الفتنة في الدين فلا يكره، ويكره إكراه المريض على تناول الدواء والطعام، وإذا حضره أمارات الموت أضجع على شقه الأيمن وجعل وجهه إلى القبلة كالوضع في اللحد، فإن تعذر لمشقة كضيق المكان وشدة المرض فعلى قفاه، ويجعل وجهه وأخماصه للقبلة ويرفع رأسه بشيء ليستقبل بوجهه. ويسن تلقينه لا إله إلا الله ولا يسن زيادة محمد رسول الله: لأنه لم يرد ولا يلح عليه ولا يقال له قل لئلا يتأذى بذلك، بل يذكر الشهادة بين يديه ليتذكرها، أو يقال ذكر الله مبارك فلنذكر الله جميعاً "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" والأفضل تلقين غير الوارث والعدو والحاسد، فإذا قالها لم تعد عليه حتى يتكلم، فإذا تكلم ولو بغير كلام الدنيا أعيدت عليه للخبر الصحيح "من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة" أي مع الفائزين. ويندب أن يقرأ عند يس لخبر أبي داود "اقرؤوا على موتاكم يس" ولحديث "ما من مريض يقرأ عنده يس إلا مات ريان، وأدخل قبره ريان" فإذا مات غمض عيناه وشد لحياه بعصابة عريضة ولينت مفاصله وتنزع عنه ثيابه التي مات فيها ويستر بدنه بثوب خفيف يجعل أحد طرفيه تحت رأسه والآخر تحت رجليه ويوضع على بطنه شيء ثقيل نحو عشرين درهماً من حديد كسيف ومرآة ثم طين رطب، ثم ما تيسر لئلا ينتفخ ويستقبل به القبلة كالمحتضر كما مر ويندب جعله على سرير من غير فرش لئلا يتغير بنداوة الأرض ويتولى جميع ما تقدم أرفق محارمه به المتحد معه ذكورة وأنوثة ويبادر ببراءة ذمته كقضاء دينه، وتنفيذ وصيته حالاً إن تيسر وغلا سأل وليه غرماءه أن يحللوه ويحتالوا به عليه، فإن فعلوا برئ في الحال، ويستحب الإعلام بموته لا للرياء والسمعة بذكر الأوصاف =

<<  <  ج: ص:  >  >>