للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرم الله الذي لا نهاية له

تَنْبُتُ الْحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ (١)، ثُمَّ يَفْرُغُ اللهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ، وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولاً الْجَنَّةَ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ (٢) قِبَلَ النَّارِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ (٣) وَجْهِي عَنِ النَّارِ قَدْ قَشَبَني (٤) رِيحُها، وَأَحْرَقَنِي ذكَاهَا (٥)، فَيَقُولُ: هَلْ عَسِيتَ إِنْ أَفْعَلْ (٦) أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ فَيُعْطِي اللهَ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ (٧)، فَيَصْرِفُ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ بِهِ عَلَى الْجَنَّةِ رَأَى بَهْجَتَهَا (٨)

سَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ قالَ: يَا رَبِّ قَدِّمْنِي عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيقُولُ اللهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنْتَ سَأَلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لاَ أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: فَمَا عَسِيتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكَ غَيْرَ هذاَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ فَيُقَدِّمُهُ إِلى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ بَابَهَا رَأَى زَهْرَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ النَّضْرَةِ والسُّرُورِ فَسَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ: وَيْحَكَ (٩) يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ (١٠) أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَنِي الْعُهُودَ أَنْ لاَ تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ، فَيَضْحَكُ اللهُ (١١) مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ في دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: تَمَنَّ (١٢) فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ أُمْنِيَّتُهُ (١٣) قالَ اللهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا يُذَكِّره رَبُّهُ (١٤) حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ قالَ اللهُ: لكَ ذلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ.


(١) هو ما يجيء به السيل من طين أو غشاء فعيل بمعنى مفعول، فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في يوم وليلة فشبه بها سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لها أهـ نهاية، والجمع حمائل.
(٢) متجه جهتها.
(٣) أبعد.
(٤) أي سمني، وكل مسموم قشيب ومقشب، يقال قشبتني الريح وقشبتني، والقشب الاسم.
(٥) لهبها.
(٦) هل رجوت لو أفعل وأجبت طلبك أن تطلب شيئاً غير هذا.
(٧) اتفاق معين.
(٨) نضرتها ..
(٩) كلمة رحمة.
(١٠) ما أكثر غدرك وخلف وعدك.
(١١) يعجب سبحانه بكثرة تضرعه ويغمره برحمته.
(١٢) اطلب ما تريد.
(١٣) رجاؤه وانقطعت آماله.
(١٤) يفتح له ابواب النعم ليطلب من فضله فيغمره بإحسانه ويضاعف له العطاء ويكثر من الهبة والتفضل والتكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>