للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلاَ تَرَوْنَ إِلى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، وَإِلَى مَا بَلَغَكُمْ، أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ: يَا آَدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ (١) وَأَمَرَ الْملائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا، فَقَالَ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلاَ يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلى غَيْري اذْهَبُوا إِلى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْدَاً شَكُوراً (٢)

أَلاَ تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلاَ تَرَى إِلى مَا بَلَغَنَا، أَلاَ تَشْفَعُ إِلى رَبِّكَ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِ] نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ نَبيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ لِهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَباً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذِبَاتٍ (٣)

فَذَكَرَهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلى مُوسَى، فَيَأْتُونَ


(١) وهب لك الحياة.
(٢) خاضعاً كثير الشكر والثناء ..
(٣) الكذبة الأولى: رأى إبراهيم النجوم في السماء متفكراً في نفسه كيف يحتال لاعتقاد قومه علم النجوم فأوهمهم أنه استدل بأمارة على أنه يسقم كما قال تعالى: [فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم فتولوا عنه مدبرين (٩٠)] من سورة الصافات.
أي مشارف للسقم، وهو الطاعون، وكان أغلب الأسقام عليهم، وكانوا يخافون العدوى ليتفرقوا عنه فهربوا منه إلى عيدهم وتركوه في بيت الأصنام، وليس معه أحد ففعل بالأصنام ما فعل. قال النسفي: والكذب حرام إلا إذا عرض، والذي قاله إبراهيم عليه السلام معراض من الكلام: أي سأسقم، أو من الموت في عنقه سقيم، ومنه المثل كفى بالسلامة داء أهـ. قال لبيد:
فدعوت ربي بالسلامة جاهداً ... ليصحني فإذا السلامة داء
الكذبة الثانية: نزل إبراهيم عليه السلام مع زوجه السيدة سارة رضي الله عنها مدينة ملكها زير النساء فسأله عن هذه السيدة فقال: أختي علماً منه أن الرجل يغار على زوجته أكبر من أخته وخاف إبراهيم أن يقتله إذا علم الملك أنها زوجته، وذهبت إليه وذهب إبراهيم يصلي وقال لها: قلت إنك أختي فسلمها الله وحفظها من هذا الطاغية الجبار وأعطاها خادمة لها السيدة هاجر رضي الله عنها أعلمت أن الله كبت الكافر وأخذ مني وليدة.
الكذبة الثالثة: ما حكى الله تعالى في كتابه المحكم [قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم (٦٢) قال بل فعله كبيرهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>