للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَقُولُ رَأَيْتُ رَبِّي (١) أَوْ تَرَاءَى (٢) لِي رَبِّي فَيُقَالُ: إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِكَ. قالَ: ثُمَّ يَلْقَى رَجُلاً فَيَتَهَيَّأُ لِلسُّجُودِ لَهُ فَيُقَالُ لَهُ مَهْ (٣) فَيَقُولُ: رَأَيْتُ أَنَّكَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ فَيَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ مِنْ خُزَّانِكَ وَعَبْدٌ (٤) مِنْ عَبِيدِكَ تَحْتَ يَدَيَّ أَلْفُ قَهْرَمَانٍ (٥) عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ قالَ فَيَنْطَلِقُ أَمَامَهُ حَتَّى يَفْتَحَ لَهُ الْقَصْرَ، قالَ: وَهُوَ مِنْ دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ سَقَائِفُهَا وَأَبْوَابُهَا وأَغْلاقُهَا وَمَفَاتِيحُها مِنْهَا تَسْتَقْبِلُهُ جَوْهَرَةٌ خَضْرَاءُ مُبَطَّنَةٌ بِحَمْرَاءَ فِيهَا سَبْعُونَ بَاباً كُلُّ بَابٍ يُفْضِي (٦) إِلى جَوْهَرةٍ خَضْرَاءَ مُبَطَّنَةٍ، كُلُّ جَوْهَرَةٍ تُفْضِي إِلى جَوْهَرَةٍ عَلَى غَيْرِ لَوْنِ الأُخْرَى، في كُلِّ جوْهَرَةٍ سُرُرٌ وَأَزْوَاجٌ وَوَصَائِفُ (٧) أَدْنَاهُنَّ حَوْراءُ عَيْنَاءُ علَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً يُرى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا، كَبِدُهَا مِرْآتُهُ وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا، إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا إِعْرَاضَةً ازْدَادَتْ في عَيْنَيْهِ سَبْعِينَ ضِعْفاً، فَيُقَالُ لَهُ: اشْرُفْ (٨)

فَيَشْرُفُ فَيُقَالُ لَهُ: مُلْكُكَ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ يَنْفُذُهُ بَصَرُكَ قالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يُحَدِّثُنَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ يَا كَعْبُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً فَكَيْفَ أَعْلاهُمْ؟ قالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، إِنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ خَلَقَ دَاراً جَعَلَ فِيهَا مَا شَاءَ مِنَ الأَزْوَاجِ والثَّمَرَاتِ والأَشْرِبَةِ، ثُمَّ أَطْبَقَهَا فَلَمْ يَرَهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ لا جِبْرِيلُ وَلاَ غَيرُهُ مِنَ الْملائِكَةِ، ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ [فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ (٩) مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ (١٠) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١)] قالَ وَخَلَقَ دُونَ ذَلِكَ جَنَّتَيْنِ وَزَيَّنَهُمَا بِمَا شَاءَ وَأَرَاهُمَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ.

ثُمَّ قالَ: مَنْ كَانَ كِتَابهُ في عِلِّيِّينَ (١٢) نَزَلَ في تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي لَمْ يَرَهَا أَحَدٌ


(١) رأى نور جلال الله وعظمته سبحانه وتعالى.
(٢) تجلى.
(٣) امتنع عن السجود واكفف.
(٤) خادم مطيع.
(٥) هو كالخازن والوكيل والحافظ لما تحت يده والقائم بأمور الرجل بلغة الفرس أهـ نهاية.
(٦) يؤدي.
(٧) جمع وصيفة: أي أمة، وفي النهاية الوصيف العبد والوصيفة الأمة وجمعها وصفاء ووصائف.
(٨) تقرب.
(٩) لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
(١٠) مما تقر به عيونهم.
(١١) أي جوزوا جزاء أو أخفى للجزاء، فإن إخفاءه لعلو شأنه، وقيل هذا لقوم أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم قال تعالى: [تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (١٧)] من سورة السجدة.
(١٢) قال النسفي هو علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين منقول من جمع على فعيل من العلو سمي به، لأنه سبب الارتفاع إلى أعالي الدرجات في الجنة أو لأنه مرفوع في السماء السابعة حيث يسكن المكرمون تكريماً له، قال تعالى: [كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>