للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيئةً، ورفع له بها درجة فاستكثروا من السجود (١) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح.

الترغيب في كثرة السجود وكثرة الدعاء فيه

٥ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد: فأكثروا الدعاء. رواه مسلم.

٦ - وعن ربيعة بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كنت أخدمُ النبى صلى الله عليه وسلم نهارى، فإذا كان الليل آويت إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فَبِتَّ عنده فلا أزال أسمعه يقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان ربى حتى أمل أو تغلبنى عينى فأنام، فقال يوماً يا ربيعة: سلنى فأعطيك؟ فقلت: أنظرنى حتى أنظر، وتذكرتُ أن الدنيا فانية منقطعة، فقلت: يا رسول الله أسئلُكَ أن تدعو الله أن ينجينى من النار، ويُدخلنى الجنة، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: من أمرك بهذا؟ قلت ما أمرنى به أحد، ولكنى علمت أن الدنيا منقطعة فانية، وأنت من الله بالمكان الذى أنت منه فأحببت أن تدعو الله لى، قال: إنى فاعلٌ فأعنى على نفسك بكثرة السجود (٢).

رواه الطبراني في الكبير من رواية ابن إسحق واللفظ له، ورواه مسلم وأبو داود مختصرا، ولفظ مسلم قال:


(١) الصلاة لله تعالى. ينصح النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين بأداء الفرائض، وزيادة النافلة، وكثرة التضرع إلى الله جل وعلا، ولن تجد أقرب مكان لإجابة الدعاء من السجود والخضوع إليه جل وعلا، وإظهار التذلل، والاحتياج للقادر العظيم.
(٢) المراد - والله أعلم - أن تكثر من الصلاة، وتتذلل إلى المولى، عسى أن يجيب طلبك ويقيك شر النار. (فأعنى على نفسك) هذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب رضي الله عنه. تأمل فيه أيها المسلم وافقه معناه، وترو في مغزاه: خادم أحسن إلى سيده في خدمته، والمخدوم مثال الأدب وعنوان الكمال وخير من يكافئ ويجازى، فيقول صلى الله عليه وسلم: (سلنى فأعطيك) فطلب الخادم دعوة صالحة فوزاً بالجنة ونجاة من النار. لماذا؟ لأنه كما قال: (علمت أن الدنيا منقطعة فانية، وأنت من الله بالمكان الذى أنت منه) شهادة طيبة ورجاء مجاب وإخلاص في المحبة، ولكن السيد المجتبى أرشده إلى العناية في إتمام صلاته والزيادة فيها، والتغالى في حسن أدائها لأن فيها سجودا وخشوعا لله، وذلك آداب إجابة الدعاء.
ماذا تنتظر ياتارك الصلاة؟ ألا تستحى أن تطلب من ربك شيئا وأنت مخالف أوامره وكتاب الله يتكرر فيه: (أقيموا الصلاة)؟.انظر إلى نعم الله عليك: صحة، عينان، اذنان، رأس مفكر، عقل حركة، خيرات، وهكذا: فماذا أعددت لشكر الله وحمده، والثناء عليه. قال الشاعر:
تعصى الإله وأنت تظهر حبه ... هذا لعمرى في القياس شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع

<<  <  ج: ص:  >  >>