للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتعاقبون (١) فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر، وصلاة العصر، ثم يعرج (٢)

الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم - وهم أعلم بهم - كيف ترتكم عبادى؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون. وأتيانهم وهو يصلون. رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن خزيمة في صحيحه، ولفظه في إحدى رواياته قال:


(١) قال النوى: فيه دليل لمن قاله من النحويين يجوز إظهار ضمير الجمع، والتثنية في الفعل إذا تقدم وهى لغة بنى الحارث، وحكموا فيه أكلونى البراغيث، وعليه حمل الأخفش، ومن وافقه قول الله تعالى: (وأسروا النجوى الذين ظلموا) وقال سيبويه: وأكثر النحويين لا يجوز إظهار الضمير مع تقدم الفعل، ويتأولون كل هذا، ويجعلون الأسم بدلا من الضمير ولا يرفعونه كأنه لما قيل: وأسروا النجوى. قيل: من هم؟ قيل: الذين ظلموا، وكذا يتعاقبون، ونظائره، وأما اجتماعهم: تأتى طائفة من بعد طائفة ومنه تعقب الجيوش، وهو أن يذهب إلى ثغر قوم ويجئ آخرون، وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين وتكرمة لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عبادتهم، واجتماعهم على طاعة ربهم، فيكون شهادة لهم بما شاهدوه من الخير، وسؤاله تعالى تعبد منه لملائكه كما أمرهم بكتب الأعمال، وهو أعلم بالجميع. أهـ ص ١٣٣ جـ ٥.
قال القاضى عياض رحمه الله: وقول الأكثرين أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكتاب، قال: وقيل يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة، أهـ.
(٢) يصعد إلى السموات نظام شرطة يحافظون على تبليغ أعمال العباد، فتتسلم طائفة من الملائكة العبد في إبان الفجر، وترافقه أنى شاء، فيكتب أهل اليمين حسناته، وأهل الشمال سيئاته وتنتهى نوبة مراقبتهم في إبان وقت العصر، وهكذا دواليك. والله تعالى الملك الرقيب السميع البصير يسأله تشريفاً للصالح، وتبكيتاً للفاسق، فياسعادة من وصل خيره بأداء حق مولاه عسى أن ينال المغفرة، ودعوات الملائكة الصالحات.
فقه الباب
إن دخول الجنة بسبب المحافظة على صلاة الصبح والعصر، وذلك العمل حصن حصين يقيك النار. هذا إلى استظلال المصلى. برضوان الله وأمانه، وإن تارك صلاة الصبح بعيد من رحمة الله، وكاد يكب في جهنم. وصلاة الصبح تبرئ ذمة من أداها وتبيح له حمى الله يرتع في خيراته (وأخفرت ذمته) أي وقت، ونهى صلى الله عليه وسلم عن تأخيرها حتى تطلع الشمس (فلا تخفروا الله) أي لاتنقضوا عهده. وفيه حادثه سالم بن عبد الله الذى نجى مصلى الصبح من القتل ووافقه الحجاج. هذا إلى توريد صحائف المصلى مملوءة حسنات إلى بارئها جل وعلا لتدخر كنزاً له يوم العرض والحساب. ولعلك عرفت سر عمران الدنيا ببنى آدم، وأن الله جل وعلا أعطاه الحول والطول فيها، واصطفى جملة منهم يعبدون الله جل وعلا ويباهى ملائكته ويسألهم سؤال عظمة وإجلال وسؤال إحاطة وشمول وحكمة (كيف تركتم عبادى) فالمؤمن من حافظ على الصلوات ليذكر اسمه في الملأ الأعلى عصراً وفجراً. قال تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) ٣٣٨ من سورة البقرة. أي داوموا عليها، وأدوها في وقتها. قال صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: (شغلونا عن الصلاة الوسطى =

<<  <  ج: ص:  >  >>