للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - وعن أبي سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء لا يُلتمع. رواه الطبراني في الأوسط. من رواية ابن لهيعة، ورواه النسائي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن رجلاً من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حدثه ولم يسمعه.

(يلتمع بصره): بضم الياء المثناة تحت: أي يُذهبُ به.

٥ - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوامٌ يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم (١). رواه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه ولأبى داود:

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى في ناساً يُصلون رافعى أيديهم إلى السماء فقال: لينتهين رجال يشخصون (٢)

أبصارهم في الصلاة، أو لا ترجع


= شريح وآخرون، وجوزه الأكثرون. وقالوا: لأن السماء قبلة الدعاء، كما أن الكعبة قبلة الصلاة ولا يكره رفع الأبصار إليها كما لا يكره رفع اليد. قال الله تعالى (وفي السماء رزقكم وماتوعدون) أهـ ص ١٥٢ جـ ٤.
(١) بمعنى أن نور الأبصار يذهب عقابا.
(٢) أي يفتحون أعينهم. من شخص بصره فهو شاخص إذا فتح عينيه، وجعل لا يطرف، وشخص من بلد إلى بلد: ذهب، وفي نسخة: فشخص أبصارهم، وفي النهاية (في حديث ذكر الميت) إذا شخص بصره. شخوص البصر: ارتفاع الأجفان إلى فوق وتحديد النظر وانزعاجه. أهـ.
الصلاة مطلب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
إن الصلاة قربان إلى الله تعالى، وتجلب رضاه وسبب زيادة الرزق، ووضع البركة في النسل، وزيادة عمران الأرض، وقد رأيت سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام أخذ زوجه السيدة هاجر وابنها سيدنا إسماعيل وأسكنهما في صحراء لا نبات فيها ولا ماء. وتضرع إلى الله أن يرعاهما، وقد حكى جل جلاله عنه (ربنا إنى أسكنت من ذريتي بواد غير ذى زرع عندك بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) ٢٨ من سور إبراهيم: أي يارب ما أسكنتهم بهذا الوادى البلقع من كل مرتفق ومرتزق إلا لإقامة الصلاة عند بيتك المحرم. وتكرير النداء وتوسيطه للإشعار بأنها المقصودة بالذات من إسكانهم ثمة، والمقصود من الدعاء توفيقهم لها، وقيل: اللام لام الأمر، والمراد هو الدعاء لهم بإقامة الصلاة كأنه طلب منهم الإقامة، وسأل من الله تعالى أن يوفقهم لها أهـ بيضاوى.
وقد أجاب الله دعوته فجعله حرما آمنا يهرع إليه المسلمون من كل صوب ويجبى إليه ثمرات كل شئ حتى توجد فيه الفواكهة الربيعية والخريفية والصيفية في يوم واحد وكثر رواده وزاد سكانه، وعم خيره، وفاضت بركاته، وعاش القاطنون بجواره في سرور وحبور وصلوا (فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم) قيل: لو قال أفئدة الناس لازدحمت عليهم فارس والروم، ولحجت اليهود والنصارى، ولكن أتى بمن للتبعيض لحكمة =

<<  <  ج: ص:  >  >>